قصة قصيرة
وعي الحمير
فجعت غابة في ملكها، وكان من الأسود القويّة العادلة. وقرّر أفراد الرعيّة اختيار خليفة له يقوم على شؤونهم. و كان من بين المتقدّمين للمنصب حمار حاز من القوّة الجسدية الكثير. ولضمان النجاح تحالف الحمار مع أحد الذئاب. و لم يكن الذئب على دهائه من أهل السياسة ولا من الساسة. لكن كان يقوده طموح جامح أن يتواجد بالقرب من صاحب الملك، وأن يمرّر ما حمّله إياه أحد شيوخه من الذئاب سبق أن فشل في تولي أمر الغابة.
وكان تحالف الحمار مع الذئب قائما كعادة أمثاله ممّن يتوهّمون أنّهم أصحاب مشروع على المغالطة وشراء الذمم ما يضمن له الفوز. لازم الذئب الحمار ملازمة الظلّ، يقف إن وقف، ويجلس إن جلس، يصفّق إن صفّق، ويبتسم إن ابتسم...بدأت اللقاءات والاجتماعات والخطب والاتصالات المباشرة بحيوانات الغابة.ولاحظ الحمار أنّ الذئب لم يبذل جهدا في تلك اللقاءات، وطمح إلى أن يشركه فيما تبقّى من مشوار الحملة الانتخابيّة.
قال الحمار- قم اليوم وخاطب الناس.
قال الذئب – ما أنا بخطيب فصيح.
تولّى الحمار الأمر وخطب في الناس، وأجهد نفسه في إقناعهم بمشروعه وبجدارته بالمنصب.
ثمّ قال للذئب – قم ووزّع مطويات برنامجنا على الحاضرين.
ردّ الذئب – متعب واللّه متعب، أرهقني الطواف بالمدن و القرى و شقّ الفيافي.
لم يجد الحمار بدا من توزيع المطويات بنفسه.
وما إن فرغ من ذلك حتّى التفت للذئب من جديد وقال
- قم وحيّ الحاضرين.
قال الذئب – متعب واللّه متعب، ثمّ إني أخاف إن أنا قمت أن يذهبوا بالكرسيّ.
قام الحمار بما اعتذر الذئب عن القيام به.
ثمّ إن الانتخابات خفّ وطيسها وأفل نجمها ، وبدأت الاستعدادات حثيثة لإعلان النتائج. قال الحمار للذئب بشيء من الاعتداد بالنفس و الثقة بالفوز
-هيا قم أنت بنفسك بإعلان النتيجة.
قال الذئب – بكلّ سرور. أنت على يقين أنّنا شريكان، وأنّني لا أتأخّر عن تلبية ما تطلب منّي مطلقا.
وأتى على ورقة النتائج فدسّها بجيبه، وأخرج أخرى تعلن فوزه بالمنصب دون غيره. والى الآن والقطيع يصفّق للنتائج والحمار مازال حمارا.
رياض المساكني (انقزو)
مساكن/تونس
No comments:
Post a Comment