Thursday, August 2, 2018

مُواء ... بقلم الأديب المبدع الأستاذ / محمد رشاد محمود

(مُواء)
في عام 1977 عندما كنتُ في الثالثةِ والعشرين كانت لدَيَّ قطَّةٌ سَوداء سَمَّيتُها (ليل) وكانت سابِغَةَ السَّواد إلا من بَياضٍ يختَفي في بطنها ، وكنت أتعثَّر بها عندما أقوم لمطلبٍ أريدهُ بالليل ، ومع حدَبي عليها كانَت لا تكفُّ عن المواء وكأنَّما يتلَبَّسُها جِنٌّ حتَّى ليضيقُ بها صدرُ الحليم ، فكانت تلك القصيدة
مُـــــواءٌ مُــــــواءٌ مُـــــواءٌ مُــــواءْ
كَفَى قد شَكـــا مِنــكِ ذا الــــدَّاءَ داءْ
أَوَجْــهٌ دَميــــــمٌ وصَـوتٌ قَبــيــــحٌ
وبَــــــــحٌّ عَـدِمتُ لَـــدَيْـــهِ الـــدَّواءْ
وعينـاكِ عَيــنُ الضَّوَى في شَـــراهُ
وفَكَّــــــاكِ فَــكَّــا الأسَى والشَّقـــاءْ
ومــــا قصَّرَتْ في وِصالِـكِ كَـــفٌّ
ولا أطفَــــأ القَلــــبُ حَــرَّ الـــرِّثاءْ
دَعَـوتُـــــكِ لــــمَّا رَأيْــتُ اسْـــوِدادَ
كِ لَيْلًا وفي البَــطنِ فَجْـــرٌ مُضـاءْ
غَطـــاهُ إلى الأرضِ جَـوْنٌ كثيــفٌ
وقَد كَـــانَ في القَلبِ بَعضُ العـزاءْ
وكَـــمْ في الدُّجَى بِــكِ مِنْ عَثـــرَةٍ
يَــــخرُّ بهــــا المَرءُ خَــرَّ الـــدِّلاءْ
تُعينـينَ صَرفَ الليــَـــــالي عَلَـــيَّ
وتورينَ شَوكَ الجـــوَى والطَّخــاءْ
وفي الأرضِ منْ جِنـسِكِ الــوَادِعا
تُ كالنَّسْـــمِ يَحْوِينَ مَعنَى الصَّفاءْ
يُضَمِّـدْنَ رُزءَ الضَّنَى بالــتَّصابي
ويَنـْــفضْنَ مُكْــثَ الوَنَى باللِّقــــاءْ
ويَهديــــنَنا الحُسْــــنَ مُستَـظرَفاتٍ
فَيُلهِـــــمنَنـــا الشِّعرَ شَأنَ الظِّبـــاءْ
أيـــــا لَيْـــــلُ واللَّيـــلُ فيــهِ الثُّرَيَّا
وعَنــكِ انطَوَى ذا السَّـنا والضِّياءْ
عَن الكَلـبِ زانَــــكِ طُهْــرٌ ولَكِنْــ
ــنَ بَحَّـــكِ كالـرِّجسِ يَجفوهُ مـــاءْ
ولَو عِشْتِ فَــــردًا لَمــا كانَ كَـربًا
تَفـــادي قيائِــــكِ ذاكَ العُــــــــواءْ
ولَكِـنَّ بَطنَـــكِ كَــالسَّيـــلِ يَغــــزو
دروبَ الثَّـرَى والغَـضَى والفِنـــاءْ
فَيَعلـــو جَهــيرًا ويُمسي ضَجيــجًا
مُــــواءٌ مُـــــواءٌ مُـــــواءٌ مُــــواءْ
(محمد رشاد محمود)

No comments:

Post a Comment