Tuesday, August 7, 2018

ذكريات مطرية ... بقلم الكاتب المبدع الأستاذ / غاندري عبد الفتاح

ذكريات مطرية

إثر توقف قطرات المطر انبعثت رائحة الثرى تجوب الأرض تملأ الشوارع طيباً تعلن نهاية صيف قاسٍ، يستقبله أنفي بحفاوة تلامس شغاف روحي تعود بي في الزمن عشرين سنة و كأنني امتطي مركب سفر عبر الزمن، تعود بي الأيام إلى أيام كنا ننتظر قدوم المطر بشدة لتسقي حقل ابي أما أنا و إخوتي  فكنا نخرج بعد توقف هطول المطر للجلوس على حافة الغدير لنبني اكواخ من الطين غير مبالين بتلطخ ثيابنا المهترئة، غير مدركين شدة البرد فضحكاتنا تمدنا بالدفء من حيث لا ندري.
فجأة تتعالى صرخات امهاتنا مناديات أن أدخلوا ستصابون بالبرد، و تمرضون.
ونصرّ على البقاء غير مبالين بتلك التحذيرات حتى يقسمن أنهن لن يغيروا لنا ثيابنا إن لم نترك اللعب عند الغدير.
عندها نعودوا ادراجنا نحو كوخ من الحطب تسكنه جدتي من أبي ونحن نعلم أنه مغطى بطبقة من البلاستيك تمنع مرور القطر عند هطول الأمطار لنجده ممتلئ ماء ما إن تلمسه حتى ينهمر،وكأنه نهد امرأة فقدت رضيعها.
ثم تلحق بنا أمهاتنا لتأخذ كل واحدة منهن طفلها وتغير ملابسه و تجففه حيث بتنا وكأننا عصافير بللها القطر.
ما إن يدب الدفء في أجسادنا المرهقة حتى نقوم بتحرير الكرة من الأسر و ننطلق للهو في المساحات الخضراء دون الالتفات إلى صراخ أمهاتنا بأنه لم يعد لنا ما نلبس إن بللنا ثيابنا تلك

No comments:

Post a Comment