الموت
طفلة صغيرة حملتها أمها ونزلت بها ضمن النازلين إلى المخبأ . كان ذلك فى لحظة. علا بعدها صوت انفجار: بارود. مدافع. دانات. : كام اللى مات ؟ هكذا تمتم العجوز المتهالك على أرض المخبأ وهو يرنو بعينيه المتعبتين إلى الأرض. فلم يرد أحد, وهو أيضا لم يكن ينتظر. ارتفعت عيناه فى وهن تطوفان بسقف المخبأ. ثم حرك يديه فجأة فى الهواء بعصبيه, كأنما تواتيه ذكرى ما .. عاد يتأمل وجوه المختبئين حوله.. تحركت عضلة الفك. تشنجت فبدا كالضاحك نظرت إليه الطفلة الصغيرة. حسبت أنه يضاحكها فضحكت. فانفرجت أسارير المختبئين للبشرى. وربت العجوز بيده الخشنه على خد الطفلة الرقيق الذى تلطخه عوادم الانفجارات , وفى ألم سأل نفسه
: ترى هل تنجو هذه الصغيرة ؟
علا صوت القصف وأزيز الطائرات, ارتجف جسده الضعيف.. ايقاع الزمن على النفس يقسو ويقسو. انتفض واقفا. وعيون القوم تتابعه فى دهشة وقلق. صوت امرأة تقول: مسكين ذلك الرجل!!! ران الصمت, تعلقت الأيادى فوق الصدور, يزداد الصمت, العجوز يشعر باختناق. يتجه بعينيه إلى شق فى جدار يأتى ببصيص من هواء ونور.. فجأة ينطلق صوت المذياع
: الهدنة ساعة.. الهدنة ساعة.
يجر العجوز رجليه. يكلم من حوله
: بينا نطلع الجثث.. لجل نصلى على الضحايا .
اتجمعت كل الأيادى. تزيح الأتربة, الواح خشب.
ملاءة سرير بدت بلون الدم. آخرون بدأوا العمل. الجثث لفوق, صارت" كهرم".. نظروا بجوارهم.. رآوا العجوز بجوار جدار سبق وأن هدمته دانه, يستند برأسه بينما جسده مدد على الأرض, وصوت امرأه تقول : أنها رأته يدق بقدميه الأرض ويصيح على شىء ما وهو ينظر إلى السماء, وأنها رأته يرقص فى وهن.
قالت ذلك وانفجرت فى البكاء وهى تنظر إلى جسده المسجى, وكان هو يشير بأصبعه نحو الطفلة وأبتسامته تملأ وجهه.. والطفلة هناك مازالت ناظرة إليه ومبتسمة أن يرد لها ابتسامتها ويداعبها .
مجدى متولى إبراهيم
No comments:
Post a Comment