بسم الله الرحمن الرحيم
في رحاب رمضان - شهر الصيام
اليوم الحادي عشر : مكانة الصائم عند الله:
لو تدارسنا هذا الحديث الشريف في رياض الصالحين حيث يقول(ص): وعن أبي هريرة (ض) قال، قال رَسُول اللَّهِ (ص): قال اللَّه عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جُنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم؛ والذي نفس محمد بيده لَخُلُوف فم الصائم أطيب عند اللَّه من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه) مُتَّفّقٌ عَلَيهِ. رواية البخاري.(1215).
الصيام جُنَّة: جُنَّة: وقاية من الوقوع في الموبقات التي تسيء لبني آدم من المؤمنين، فالصيام يجعل المسلم يبتعد عن كل ما يسيء له، والمقصود بهذا شهوة الفرج وهي أهم عنصر في حياة الإنسان أن يبتعد بنفسه عن الشهوات ليستطيع أن يصوم صوما مقبولا، وكذلك يجعل الصيام الإنسان يبتعد عن المعاصي التي تغضب وجه الله، وعندما يصوم الإنسان المؤمن التقي النقي يكبح جماح نفسه عن الهوى والغواية، فلا يرفث: أي يبتعد عن فحش الكلام الذي يسيء لنفسه إذا تحدث به، ولا يصخب: الصخب هو اللَّغط في الحديث بما لا ينفع الإنسان المسلم الذي يخاف الله، وإن أساء أحد لهذا المسلم بالسَّبِّ أو الشَّتم من كلام قبيح فما على المسلم إلا أن يقول: إني صائم، وهذه الجملة تبعده عن كلِّ ما يسيء إليه، فهو يشهد الله على صومه، وهنا الله لا يدع عبده يخوض فيما يسيء له، ثم يقسم بالله لخلوف فم الصائم: الخلوف تغير رائحة فم الصائم، وهي عند الله أطيب من رائحة المسك، ثم يبين الرسول(ص) أن للمسلم الصائم فرحتان واحدة في الدنيا وهي نعمة الإفطار والتي تضاهي نعمة الصيام، لأنَّ المسلم عندما يتناول طعامه تجد البسمة على شفتيه بأنَّه صام يومه، وتجد وجهه أصبح وضاءً من بسمته لأنه يقول عند فطره دعاء الإفطار، وقبل أن يبدأ الصائم تناوُلَ إفطاره، يقول: اللَّهُمَّ لك صُمتُ، وعلى رِزقِكَ أَفطرتُ، وعليك توكَّلتُ، وبك آمنتُ، ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله، يا واسعَ الفضلِ اغفرْ لي، الحمدُ للهِ الذي أعانني فصمتُ، ورزقني فأفطرت. أما الفرحة الأخرى فهي عند لقاء رَبِّه، حيث يدخل الصائمون من باب الريَّان الذي لا يدخله إلا الصائمون القادرون الراكعون الساجدون القائمون العاكفون القارئون للقرآن آناء الليل وأطراف النهار.
ويضيف ابن شرف النووي: وفي رواية له: (يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، الصيام لي وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها)، أي أنَّ الصائم ترك التمتع بلذة شهوتي البطن والفرج، وصام وصلى وقام الليل يجهد نفسه من أجلي، فالصيام لي وأنا أُجزي به، وسيكون الجزاء بعشرة أضعاف العمل، وربما أكثر لأن الله سيكون أكثر كرما مع عبده الذي أرهق نفسه من أجل عبادته، وهنا الفرحة الثانية للصائم بلقاء الله من باب الريان والجزاء الذي سيناله من .
وفي رواية لمسلم: (كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال اللَّه تعالى: {إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي} للصائم فرحتان: فرحة عند
فطره وفرحة عند لقاء ربه؛ ولَخُلُوف فيه أطيب عند اللَّه من ريح المسك).
1218- وعن أبي سعيد الخُدًرِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ (ص): (ما من عبد يصوم يوماً في سبيل اللَّه إلا باعد اللَّه بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا) مُتَّفّقٌ عَلَيهِ.
فما بالك بمن صام ثلاثين يوما قائما راكعا ساجدا متهجدا معتكفا، فيكون جزاؤه 70×30= 2100 خريفا أو عاما، فهل هناك أكرم ممَّن أكرمنا منذ حياتنا الأولى أفلا نحسنُ صَلاتَنا لله، وصِلاتِنا به، ألا نحسن صيامنا، ونؤدِّي زكاتنا ونتقي الله حق تقاتِه، وهل ستجدون أكثر كرما من الكريم الذي خلق الكرم للمخلوقين فكونوا عباد الله أكثر تمسُّكاً بالله وعبادة له، ليجزيكم أكثر مما تطلبون.
1220- وعن (أبي هريرة) (ض) أن رَسُول اللَّهِ (ص) قال: (إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين) مُتَّفّقٌ عَلَيهِ.
انظروا ماذا يفعل الله لنا لنكون أهلا للصيام، فهو يحافظ على محيطنا الإنساني والاجتماعي ليقهرَ كلَّ من يوسوس لنا بعمل السّوء ويحسِّنُه لنا، فها هو يقف لجانبنا ليحمينا، ويبدأ بتعزيزنا بأنه فتح لنا أبواب الجنة، فهل أنت باحث عنها، وغلق أبواب النار ليحميك منها، فهل أنت منتهٍ عما أنت فيه من صَلَفٍ وعِناد لهذا الكريم الذي يعطيك قبل أن يأخذَ منك، فها هو الجواد الكريم صَفَّدَ الشياطين لِألَّا تقربك، فماذا قَدَّمْتَ لهذا أيها المسلم لتنالَ ما يجود الله به عليك. مع تحياتي موسى حمدان
No comments:
Post a Comment