Friday, April 17, 2020

ليالي الحجر ... بقلم الكاتب المبدع الأستاذ / الجامعي بوشتي

ليالي الحجر
  هكذا بدا لي  منذ اعتكفت في عزلة الحجر الصحي أنني  اكتشف  لأول مرة فضاء الشقة التي آوي اليهامساء كل يوم  إذا ما أتعبني التجوال  الافتراضي في دروب المدينة وتفرعات ازقتها بحثا عن نسمة شاردة أو زهرة ليمون آبقة من تداعيات  امساك السماء في هذه المدينة الباردة، المكان بجمالته ينفلت من عهر معمارية الهندسة وقيم الجشع  فيصعب التمييز بين حميميات فضاءات الشقق المتراصة  كاعشاش طيور السنونو   حيث تتشكل من كل الطقوس المسائية /الليلية  تراتيل عجائبية من لغط وخصومات وانغام شاردة او بكاء طفل رضيع أووووو...! الآن وفي غرفة النوم   كل ليلة حين أحاول  جاهدا بعد نضوب تيار الاخبار المبطنة بمقصديات ملغومة الاستسلام لنوم هادئ   يفاجئني صوت نشاز يصدر من  لست ادري ،يخترق الجدران والنوافد والا شجار و يعلو  على  هدير السارات المتسرب من  نزق الشارع ، صوت هادر رعدي ،صوت شخير  ،يتلون بين العلو والخفوت كانغام نشاز على مختلف المقامات،  شخير  الذات التي تعلن عن شجبهاالمتواري خلف معاناة الحياة!
 بدأ الصوت يزعجني في البداية ، يعلو كل ليلة فيتفوق على هدير الليالي التي سبقت، أو هكذا خيِّل لي من شدة سطوته، اتابعه  في ضجر ولا استطيع أن أخرج من تلك الدائرة التي أغلقها علي، خلال ساعات طوال ولأيام متوالية لم أكن أجد للنوم سبيلا، حتى ينهكني التعب فأسلم جسدي لسلسلة كوابيس منبعثة من أعماق الجحيم.

No comments:

Post a Comment