Sunday, March 1, 2020

ما لك .. هو لك ... بقلم الكاتب المبدع الأستاذ / جهاد مقلد

_____(ما لَكَ..هو لَكَ)____
جاء لتصليح سرج حصانه وكان في عجلة من أمره، ولايريد أن تسبقه الشمس في غروبها قبل أن يصل إلى قريته، وكان الشاب أحمد يعمل وحده في ورشة والده المتخصصة، بصيانة السروج وصناعتها ولوازم الخيل والدواب.
غاب والده في عملٍ له ، على أن يعود بعد قليل.
جاء اليه مسافر يطلب منه إصلاح سرجه.
_أريد اصلاح هذا السرج.
فقال أحمد:
 _  كما ترى أعمل الآن وحدي. وعندي الكثير من العمل... لن استطيع إصلاح حاجتك اليوم، اتركها إلى الغد
رد الرجل بلهفة:
_ لكني انا من خارج قريتكم ولا آمن من العودة بعد الغروب.
نظر المسافر الى الجدار، فوجد سرجاً قديماً معلقاً فقال:
- أتبادلني بهذه؟
سأعطيك فرقاً جيداً على السعر أعجبت الفكرة أحمدا..وتبادلا السروج.!
 دقائق مضت ثم عاد والده، وقال لابنه:
_هيا يا أحمد غربت الشمس هيا نقفل الدكان ونعود إلى البيت. ولكن من يكون صاحب هذ السرج المعطوب المرمي هنا على أرض الدكان؟
 _لقد بادلت السرج القديم المعلق على الجدار بسرج حصان لرجل ًمسافر كان في عجلة من أمره، وأخذت من صاحبه زيادة مجزية عليه
صعق أبو احمدوقال لولده:
_هيا بسرعة اذهب وابحث عن الرجل ولا تسألني لماذا... حاول ان تُرّجعه إلينا.
وأخذ أبو أحمد،  يدعو ربه بأن يعثر أحمد على الرجل. ثم أسرع بإصلاح سرح الرجل التالف، لعلّه يعيده لصاحبه إذا عثر أحمد عليه، ويقول: _ لقد أضعت تعب عمري يا أحمد!  كنت أخفي فيه كل ما أُنتجه لأجل زفافك... الآن ماذا سأقول لأهل عروسك يا أحمد بعد أن اقترب الموعد؟. لماذا تتصرف دون علمي يا ولدي؟
بعد قليل عاد احمد خجلاً، يجر أذيال الخيبة... لقد اختفى الرجل، في تشعبات الدروب.
لم ينطق والده بكلمةواحدةٍ أغلقا باب الدكان وعادا معاً إلى البيت..والحزن يغلف قلبهما لفشل ولده بالعثور على الرجل، وبالتالي فشل زواج ابنه. أماولده أحمد. فكاد الندم أن يتلف عقله وأخذيتسائل:
_ لماذا والدي يتمسك بالسرج القديم وهو متهالك؟!  لقد شعرت بأنني ربحت بهذه المقايضة. السرج القديم متآكل، علقناه فوق باب الدكان للدعاية... ولكي يعلم الزبائن بحرفتنا، كما أن السرج الذي أخذته من الرجل جديد. ويباع بسعر عالٍ بعد إصلاحه
لم يكن يعلم بما خبأ والده داخله، من نقود مهرٍ لعروسه، وقيمة التجهيزات لعرسه، مضت أشهر، وإذ بالرجل يعود لإصلاح سرج جواد له، وما أن رآه أحمد، حتى عرفه وأحتفل به أيما إحتفال لعله يصل الى معرفة مصير السرج القديم، بعد أن علم من والده ما يحويه القديم
 لكنه شعر بالخيبة حين علم منه أنه باع دابته وما عليها لشخص لا يعرفه.
و كان والده يتابع الحديث وعندما سمع ذلك غالب دموعه وقد انهمرت  من عينيه قهراً وحزناً لفشل مشروعهم
ساقت الأقدار  رجلاً يقود دابته، وما ان رأى الرجل الأول صاحب الحصان حتى صاح به قائلا:
_ أهذا أنت؟ كيف تغشني وتبيعني سرجاً تالفاً؟ أوَتستحل ذلك كيف؟  وكاد الامر أن يتحول الأمر إلى شجار حقيقي بينهما.
 تدخل أبو أحمد بين الاثنين، وهدأ الوضع قليلاً.  وحين راى السرج التالف على ظهر دابة الرجل عرف أنه صندوق كنزه  نفسه  الذي تصرف فيه ابنه قبل  أشهر... على الفور قال أبو أحمد:
_خذ يا أخي هذا هو السرج  الحقيقي لدابتك، ولا تدفع فرقاً
 والقديم لنا، وأنت أيضا لاتدفع أجرة إصلاح سرج جوادك.. سر الاثنان بهذا الحل... أما أبو أحمد فاسرع  يمزق السرج القديم بسكينته وينبش حشوة القش منه ويخرج معها ما بداخله من صرر للنقود كان يدسها فيه، وهو يقول مسروراً
(ماهو لك ...هو...لك ماهو لك. هولك) إن الله مع الصابرين..إذا صبروا
الى اللقاء في قصة آخرى

No comments:

Post a Comment