Saturday, March 28, 2020

قراءة نقدية ... بقلم الكاتب المبدع الأستاذ / أكثم جهاد

قراءة نقدية بقلمي: أكثم جهاد  للقصّة القصيرة جدّاً (عِزّة) للكاتب المبدع: ناجي علي.
======= النص (ق.ق.ج) =============
عزّة
صارع النّفس، كبح جماحها، أرّقه صراخ أولاده، خرج يبحث عمّا يقيتهم، عاد بكلية واحدة.
بقلم: ناجي علي_مصر.
==============================
- العنوان:
عِزّة: عنوان نكرة مصدر عَزّ بمعنى: الأنفة، الحَميّة، العظمة والسموّ.
- متن القصّة:
النص من نوع القصة القصيرة جدّاً، ذو دلالة رمزية واضحة، وفيه ترابط سليم بين مفردات جُمله، فيها من التكثيف والاختزال ما يغني عن السرد المطوّل، إذ استخدم القاصّ جملاً قصيرة جدّاً، تبدأ كلّ جملة بفعل ماضٍ (صارع، أرّقه، خرج، عاد) دون اللجوء للألفاظ الظرفيّة، ممّا جعل القصة ذات رتمٍ وإيقاعٍ سريع جدّاً، ساعد ذلك على إتمام النص بشكل عفويّ تلقائي لا غموض فيه.
بدأ القاصّ قصته بحوارٍ داخليّ ذاتيّ بين الروح والغريزة ومتطلباتها. فالحاجة الملحّة التي توخز فكر بطل القصة، تجعله دائماً في حالة تأهّب لمواجهة متاعب الحياة، فإما الصمود والتمسّك بالمبادئ التي يؤمن بها خاصة أنّه انفطر عليها بل توارثها من توجيهاتٍ سابقة كان أسلافه في الماضي يؤمنون بها، وإمّا السّقوط والقبول بالذلّ والهوان وضرب المُثل والقيم بعرض الحائط...عبّر عن ذلك القاصّ باختزال رائع (صارع النفس).
انتقل القاصّ مباشرة إلى نتيجة هذا الصراع دون الخوض في معامع هذا السّجال لئلاّ تحيد الجملة عن سياقها في مضمون الققج...نعم لقد حُسم الأمر وانتصرت المبادئ وباتت الحاجة العضوية عنصراً لا قيمة له في نظره لتنتعش الروح النقيّة وتختفي وخزات النّفس الأمّارة (كبح جماحها).
لم تعد المشكلة الآن في نظره ذاك الصراع الذاتيّ، بل إنّ هناك عذابٌ من نوع آخر يقضّ مضجعه كلّما سمع نداء الحاجة من فيه أولاده، فهو يستطيع كبح جماح رغباته، لكن رغبات أولاده الفطرية ليست في متناول يديه، فهم ما زالوا قصّر وحدود صبرهم متواضعة في بنائهم الفسيولوجي...هذه هي المعاناة الحقيقية التي تؤرقه دائما، فالأنفة والمبادئ السامية تغذي روحه هو ولكنها لا تسد رمق جوع أولاده (أرّقه صراخ أولاده).
أمام هذا المشهد المأساوي، لم يستطع البطل الاستمرار في أداء دوره البطوليّ، لذا قرّر البحث عن بدائل أخرى يجتمع فيها النقيضين مهما كانت النتائج (خرج يبحث عما يقيتهم).
وصل بنا القاصّ إلى نهاية هذا المسلسل الدرامي بمشهد لم يخطر على بال أي فرد من أفراد عائلته، نعم لقد جلب لهم السعد، وحصل على المال الذي سيحقق رغباتهم لفترة من الزمن.
والسؤال كيف استطاع طمس حجم المعاناة واستبدالها بصورة جديدة ملؤها السعادة؟
هنا تلكم الفقرة المدهشة والنهاية المذهلة التي ابتكرها القاصّ لإنهاء فصول تلك الرواية (عاد بكلية واحدة).
نعم لقد باع إحدى كليتيه ليشتري بثمنها السعادة لعائلته المنكوبة من الفقر المدقع، وتبقى العِزّة هي عنوان ربّ هذه العائلة، وبذلك فإنّ أجمل ما في هذا الققج هي تلك القفلة الرائعة.
- التقييم الأدبي:
النص: حقّق بنود القصة القصيرة جدّاً من حيث التكثيف والاختزال والمفارقة وكذلك إبراز الحركة التفاعلية والدوافع النفسية لمحور القصة الأساسي.
العنوان: كان حتميّاً لما أراده القاصّ في بنية النص.
القفلة: هي أجمل ما في القصة وهي التي رفعت من مستوى إيقاعها الفنّي.
شكراً جزيلاً للكاتب الذي سلّط الضوء على هذه الظاهرة الاجتماعية وكشف ملابساتها الغامضة برؤية فنّية راقية.
تحيتي للققج الموفقة وللكاتب المبدع ناجي علي. مع خالص أمنياتي له بالتوفيق في أعماله القادمة.

نقد وتحليل: أكثم جهاد/الأردن

No comments:

Post a Comment