........قصةقصيرة.......
(ولا تدري نفس بأي أرض تموت)
كان يعمل في الحقل... أنهكه التعب ووالده الرجل العجوز يحفر حفرة عميقة ليزرع شجرة من الفاكهة،سأله ولده الجالس على الأرض قريبا منه:
_ ياوالدي بعد كم سنةستثمر هذه الشجرة التي تزرعها؟
فقال والده الرجل المسن:
_ ياأحمد لا أعتقد انني سأعيش لآكل من ثمارها
ربما تحتاج للكثير من السنوات حتى تبدأ بالعطاء... أنت وأولادك من ستجنون ثمارها، أما أنا فكما ترى يا أحمد... كبرت في السن ونحل جسمي ودق عظمي وهدني المرض... انتظر الرحيل عن هذه الدنيا ومافيها.
الغريب أن والده كان يحدثه وأحمد ينظر أمامه مرعوباً... يرى أمامه شبحاً، لكن لم يميزه جيداً... لم يفته رؤية نظرات ساخرة مرعبة تحدق في وجهه، وابتسامةعريضةترتسم على ذلك الوجهه.
لم يدم ظهوره أكثر من عدة ثوان ...
سأل أحمد والده قائلا :
هل ترى ماأرى ياأبي!؟ قال والده: مستغرباً ذلك:
_كلا لم ارٓ شيئا ياولدي ولكن ماذا رأيت؟ فقال أحمد:
لقد رأيت شبحا يلتف برداء أبيض يحملق في وجهي.! فقال والده: لاعليك ياولدي، أجلس لترتاح، ربما انت واهم لشدة تعبك...
زرع أحمد الشجرة وعادمع والده إلى البيت...
وفي صباح اليوم التالي جلس أحمد في السوق يبيع منتجات أرضه من الخضار، والحبوب في خيمة على قارعة الطريق.
لكن ذلك الوسواس لم يفارقه ابداً. وكلما تذكره يشعر بقشعريرة شديدة وفي كل لحظة يخطر في باله ذلك الشبح.
فجآة ظهر أمامه الشبح نفسه ويبدو وكأنه يبتسم... ثم اختفى بأسرع مماظهر... عاد أحمدالى بيته وماأن فتح الباب ثم استدار ليغلقه، واذا به يرى الشبح نفسه مبتسماً كما في المرة السابقة! ثم تلاشى، واختفي من أمامه. أخبر والده بمارأى فقال والده:
لاتشغل بالك يابني. فكرك مشوش بسب مرضي الذي يشتد بي يوما بعد يوم وربما كان هذا ملك الموت. جاء ليذكرني بقبض روحي.. وأنت الآن تتخيل شكله خوفا علي! ويبدو إن الآوان لم يحن بعد... ربمايظهر لك كي تعمل احتياطاتك من أجلي أي أنك يجب ان تجهز لي المدفن والكفن ...إلخ انهمرت دموع أحمد دون ارادته خوفا على والده، وهو يفكر برحيله... في صباح اليوم التالي ذهب أحمد الى دكان الأقمشة في السو ق، واشترى قماشاً أبيضاً... يريد به كفنا لوالده، وحين قام البائع بقص القماش ظهر نفس الشبح ولكن هذه المرة رأه يضحك دون صوت. مما زادفي رعبه أكثر فسأله أحمد:
من أنت؟ لم يرد الشبح.! ثم كرر مخاطباً الشبح: ارحمنا يامولاي لازلنا بحاجة لوالدي... اشتد رعبه حين تخيل له إن الشبح يشير بأصبعه نحوه ويختفي..أخيراً أفاق من ذهوله على صوت البائع وهو يقول له مذهولاً
هل جننت يا أحمد؟!! لماذا تكلم نفسك ؟سبحان الله.. لم يستطع أحمد الرد شعر أن لسانه التصق بسقف حلقه من الخوف، والرعب... نقد المال للبائع ثم خرج مهرولاً نحو بيته خائفا من ظهورالشبح ثانية.
وأخبر والده بما شاهد اليوم أيضا، فقال والده:
_ لا تخف يا أحمد كل ماترى هي تهيؤات سمّ باسم الله وتوكل عليه. ولا أحد يموت بيوم الثاني أوبغير موعده أبداً ..هذا كمايبدو يدل بأن ساعتي حانت... قال أحمد: لكنه أشار بإصبعه نحوي أو هكذا بدا لي!
رد عليه والده: إذهب ياولدي واحفر لحداً لي واستعن باالله.
وفي اليوم التالي حفر أحمد قبراً لأبيه... وماأن خرج من الحفرة، حتى رأى الشبح يقترب منه، وبعد لحظات من الرعب الهائل رأى الشبح يمشي نحوه .. هرب من امامه مسرعاً، باتجاه آخر غير اتجاه بيته، نحو قرية جده حيث يقطن أهل والده، وهو لايلوي على شيئ من الخوف وتوقف بعد قليل لشدة تعبه، والعرق يتصبب منه نظر خلفه فلم يجداحداً يتبعه ..هدأخوفه قليلاً وقرر العودة إلى بيته... لكن حين رأى قرية جده باتت أقرب اليه تابع سيره نحوها. وصل أحمد منهكا ارتاح ثوانٍ قبل أن يقرع باب البيت لكنه بعد قليل شاهد الباب يفتح ببطء بصريرمزعج لم يسمعه من قبل... أخيرا.. فُتح الباب، وكان الشبح متجسداً أمامه بكامل وشاحه وعباءته البيضاء، ينظر اليه ويقول له وصلت يا أحمد: جئت في وقتك إلى هنا
فقال أحمد تريد جدي العجوز إنه في الداخل لايستطيع الحركة اذهب إليه، لا يستطيع المجيء إليك
رد الشبح:
_ أنت حيث أريدك يا أحمد... لقد جئت يا أحمد إلى الأرض التي كتب لك الموت فيها... تراخى جسد أحمد وأخذ ينتفض وصوت حشرجاته ملأت المكان!
هرعت أم أحمد على صوت سقوط جسد ابنها عن السرير إلى الأرض
واستيقظ هو على صوت أمه ليجد نفسه سقط عن سريره وأمه تقول: بسم الله الرحمن الرحيم مابك ياولدي؟ كان شخيرك يملأ المكان ثم سقطت عن سريرك إلى الأرض فقال: وهو مازال متأثراً بحلمه. أماه حلمت بأن ملك الموت طاردني حتى بيت جدي
قالت لاتخف يا أحمد... لكل أجل كتاب... ولاتدري نفس بأي أرض تموت
جهاد مقلد/سوريا
No comments:
Post a Comment