خاطرة ثقبان في ذات الجدار:
إني أواجـــــــه كل يوم محـــــــنتي .. فأنا غريــــــبٌ لاجــئٌ لا دارَ
أنا شـــــــــــــــــــاردّ، لا أنتــــمي .. لحـــــدود أوطانٍ ، ولا أغوار
أنا لاجئٌ، والفقد يعصـــر مهجتي .. ويدقُ قلبي في رحــــــــىً دوّار
ابنُ الخيـــــام أنا وقلبي حــــــــائمٌ .. منذُ الطفــــــــولةِ هائجٌ ثـــــوّارُ
هُجِّرتُ من قدسي وجئتُ لشــامكم .. فكبرتُ في اليرموك والأمصارِ
وعشقت في الشـهباء أنثى كالحياةِ .. جـــــــميلةً وكليلةً وصِـــــــغارَ
أشقتها حربٌ مزقت أنســـــــــابها .. فتيتمت و تخضّبت بدمـــــــــارِ
عَطُبت و شاخ الحزن في أجفانها .. وكأنها ياســــــــــــــــمينةٌ بِقِفَارِ
والخوف مسّد قلبها وأشـــــــــاكها .. زيتونةٌ قد حفّها الصــــــــــبّارُ
قلبي يُلجلج خــــائفًا من فــــــقدها .. ويرتل الصـــــلوات والأذكــارَ
العجز كبّلني وروحي تحتـــــضر .. وأنا أراها تنبـــــــــري بوقــــارِ
حان الرحيل فليس لي حـــولٌ إذن .. لو توصل الأعمارُ بالأعمارِ !!
هامت وقلبي مُوجَعٌ من فــــــقدها .. يبكي غريباً بُعدة الأســــــــــفارِ
رحَلَت فأنّى للقاء بجمــــــــــــعنا .. كم فزّعتني صيــــــــحةُ الأنبارِ
كم ختَّلَتنِ ذي الحياة بحبــــــــــها .. ونســـــــــيتُ أن الفرح بالمقدارِ
أعطتنِ حلمًا لا حــــــدود لوصلهِ .. واســــــــــتنزفتني دونما أعذارِ
سكَبَت بقلبي من حريق الفقدِ ما عجزت عن خَمدِهِ الأمطارُ والأنهارُ
كانت جِوارًا أحتمي بعيونـــــــها .. من وطأةِ الخيبــــــاتِ والأدهارِ
لا أعرف اليأسَ الخبيب بقربـــها .. ليلًا عتــــــــومًا تَمحُهُ الأظهارُ
كانت كسرب نســــائمٍ منســـــابةٍ.. في حضرة العصـفور والأزهارِ
قصرٌ من الأحــــــــــلامِ لا حدٌ له.. لا غُولَ فيه ولا خبــــــابة عارِ
ومَضت لحـــــــــالٍ غيرَ آبهةٍ بنا .. وبقيتُ أنعيها بلا أشـــــــــــعارِ
أمســــــــيتُ موبوءًا بفقدٍ لا يُرى.. والحزن ســــــجَّانٌ حِذا الأسوارِ
لا فجر يطرق بعد ليلٍ وحشـــتي .. والشـــمس بهتت لا تُرى بنهارِ
يا قبلة الياســـــمين يا لحن النَغى .. مات الكلامُ وجفت الأشــــــعارُ
الآن لا بــــيتٌ ولا وطنٌ يــــــفي .. وأنا كقُـــــــــــــطرٍ هائلٍ ينهارُ
أمُحاصــــــــرٌ بالذنب كي أفقدكِ .. قدري، وجاءت صـــفعةُ الأقدارِ
أنتِ البعيدة بالحدود وبالســــــــــدود غريبتي وأنا المُعــــفَّرِ بالغُبارِ
أنتِ القريـــــــبةُ لا أراكِ وأنتِ لا .. وكأننا ثقبان في ذات الجــــدارِ
#جمال_سليمان
No comments:
Post a Comment