Friday, July 19, 2019

سامحيني يا أمي... بقلم الكاتب المبدع الأستاذ / جهاد مقلد

أول مشاركة لي في وطن الضاد
قصة قصيرة
____سامحيني يا أمي_____
إن أكثر ما أثاراستغراب الرجل، وهو يسير  في حي لم يسبق له المرور فيه من قبل...  خروج جنازة على أكتاف أربعة رجال فقط من أحد المنازل، فقال لنفسه:
سأنتظر خروج المشيعين وأكسب أجرين معاً...أجر مرافقة الجنازة وأجرالصلاة عليها وقد يكتب لي أجرمساعدتهم على الدفن إن استطعت.
انتظر الرجل قليلاً خروج المشيعين... دقائق وخرجت امرأة مسرعة... أغلقت بابها على عجل
ثم هرولت تحاول اللحاق بالجنازة
هنا تبسم الرجل في غير موضع الابتسام... جنازة دون مشيعين؟!! امرأة تخرج خلف الجنازة من البيت نفسه... لاتبدو عليها مظاهر الحزن أو الأسى! ترى أهناك في الأمر مايريب؟ بقي الرجل على نيته اللحاق بالجنازة... سبق المرأة... سار مع حملة الجنازة مباشرة يتناوب معهم على حملها ، يفكربما يحدث أمامه... يتساءل:
هل وراء الأمر جريمة؟ هل يحملون جثة وهمية بحجة  وجود ميت؟
وصل الجميع... ساعدهم، صلى الميت معهم، وضع قبضة تراب على وجه الميت، تأكد بأن الأمر حقيقة
سرق نظرة عجولة من وجه المرأة التي تقف بعيداً عنهم... لاجديد! وجهها لا يوحي بما يجب أن يكون...
انتهى الجميع من عملهم تقدمت المراة منهم أي الأربعة شاهدها تعطيهم شيئا... ابتعد هو، لم يفهم شيئاً مما دار أو يدوربينهم!
 خرج الجميع وسارت المرأة في الاتجاه نفسه الذي جاءت منه مع الجنازة... وقف لحظة وقرر اللحاق بالمرأة. ما أن دخلت بيتها حت قرع بابها يريد أن يشبع فضوله بمعرفة مايحدث...
قال لها سيدتي:
_  اعذري فضولي... رأيت شيئاً غريباً يحدث مع جنازتكم!
_ أعلم وهو المطلوب... الجنازة جنازة ابني وحيدي
_ يإالهي وحيدك... ابنك... لا حزن... لاعزاء... لا مشيعين!
_  نعم سأروي لك الحكاية ولن أبخل باشباع فضولك...
_ تفضلي وأكون شاكراً لك لقد ظننت أن وراء الأمر جريمة تدفن!
_هذا الميت كما قلت لك إنه ولدي وحيدي يتيم الأب، مات والده قهراً وغاضباً عليه، لقد اتخذ الإجرام مهنة والنصب والاحتيال منهجاً جاءني منذ أسابيع مصاباً، وهارباً مما لا أعرف لكن ما لا أجهل هو أنه أصيب بالبعد عن شرع الله، نعم التجأ إلى أمه... إليَّ... أمنته وأخفيته وهذا واجبي لمصاب لأي كان فكيف ولدي؟!!...  
 لكن لم ينفع معه علاج جرح ولا داء... مثلما لم ينفع معه علاج عقل من قبل...
بالأمس فقط... بل مع فجر هذا اليوم قال لي:
_ اسمعي يا أماه... أرى الآن شبحاً لم يخفني ولم يرعبني، لأنني أعلم بحالي وهو قابض الأرواح
نعم أراه الآن ولا ترينه إنه يعدُّ الدقائق، ولايمهلني
_ أماه أطلب رضاكِ فقط أنت أما غفران والدي سأطلبه من رب رحيم وجهتي إليه... ما أطلبه أن تسامحيني أولاً... ثم أن ترسلي لأحد ينعيني ولا لمن يصليني ولا من يذهب في جنازتي يشيعني... الكل يعرفني ولا أحد سيقبل بمجرم...هذه وصيتي ياأماه
_ قلت له سامحتك ياولدي وأطلب لك من الله أن يسامحك أيضاً، ثم نفذت له وصيته حرفياً كما رأيت بنفسك
سأكمل لك:
_ بعد دقائق قليلة رأيته يبتسم ثم ينظرإلي قائلاً:
_ أماه... لقد قُبل دعائك... سامحني الله لأنك أنت سامحتيني، وأطبق عينيه، استأجرت له أولائك الرجال
لحمل جنازته... وأنت تعلم الباقي

No comments:

Post a Comment