شبح
لم يبق من تجارب العمر سوى خوض مغامرة مثيرة، أتحول إلى شبح . أندس فى عرين يسيطر سيده على أنفاس سكانه، ينام فاتحا جفنيه ، تنبهه شقشقة فأر بشق جدار، يظل يقظا حتى يقتله أو يطرده، يُسهد ليله نباح كلب، قرقعة مواتير السيارات. اتفقت مع سيدة الدار، مهدت لى الأجواء لأتسلل يوميا لمنزل الجبار، تبسط على رداء حمايتها، . أطرق هاتفها برنة وحيدة . تتصيد زمام الفرصة، تشير بمنديلها من نافذة السلم، أصعد حافى القدمين، أكتم الشهيق، ابتلع كلص محترف الزفير، أنصت لصليل المفتاح، ألج مسرعا لبيت الراحة .
يلتقط السيد نبضاتى، يفرد طوله، يشمر ساعديه، يصدم بقبضته العفية عظام ترقوته ، يفتش الغرف، يفتح الثلاجة، يطيل النظر للفاكهة، يسحب حبة طماطم، يمسحها، يقضمها، يفتش المطبخ، الحمام ، أتوارى تحت كومة ملابس ، أسكن كعصفور هارب من صقر، أتلفع بصمت الموتى .
يتربع على بعد خطوة منى، تجادله السيدة لتثنيه عن تربصه، تُقبل وجنتيه، تستنهضه، أتوقع مصيرى إذا اكتشف أمرى رغم أنه قد يشعر للحظات بالسعادة للعثور على .
تراود الأم فتاها الأصغر لينخرط معها بإخفائى، يقايضها ثمن مساعدتها ، تثور الأم رافضة، يرفع صوته مستدعيا وحش البيت، تضع أصابعها بين فكيه ، تخضع لابتزازه ، تنقده مبلغ باقة الانترنت.
يسير أمامى بسعادة، يكتم ضحكاته، أزحف خلفه كجرو، تشاغل السيدة الحاكم بأمره أفر للشارع، تنخلغ عظامى من موجات برد تلهو بكيانى الضعيف ، ترفض المقاهى طول بقائى بمشروب واحد، اتسكع بالنواصى مجهدا، تصيح سيدة مكتنزة، تقنع طفلتها الباكية على تركها لقطة تمسحت بها:"لا أحد يستضيف قطا أجربا" ، تصطك أسنانى شوقا للانعتاق من قبضة ليل الشتاء.
تحدثنى نفسى بدهان وجهى بالفحم، أطرق الباب لأصلاح ماسورة الغاز لكن الشاب يميز رائحتى، سيقبض على مسرورا، أدخل البيت دون إشارة، يلقى الأبن الأصغر على فرو خروف ، يسحبنى للشرفة يغلقها، ينادي باسمى حبيبى ، ينشطر القلب ، يذوب الجسد حنينا لأضمه، أشم طيب عرقه لكنه حين يحس بقربى، يهدر توسونامى غضبه ، يتذكر سقوطه بحلبة الملاكمة، شبح استعادته الوعى بين احضانى، تنفلت أعصابه، يشرع فى الانتقام، متوهما أننى من اوقعه بالضربة القاضية .
طارق الصاوى خلف
No comments:
Post a Comment