مَزاهِرُ عنترة
على كأسِكِ الفضيِّ ليلُكِ يسهرُ
وهاوٍ غزاهُ الشيبُ ما كانَ يَكْبُرُ
تقمّصَ لسْعَ النحلِ ورداً ولَثْغَةً
وأصبحَ بالحرفِ المُطرَّزِ يَقْطُرُ
على صفْحَةٍ حمرا تَمَسَّكَ خَدُّها
وفي شَفةٍ لميا تفوَّحَ عنبرُ
ومن يومِ لمسِ الحُسْنَيينِ بنظرةٍ
تسيَّفَ في كلِّ الأصابعِ عنترُ
وخاضَ ميادينَ القتالِ على الكرى
بيمناهُ أزهارٌ ويسراهُ مِزْهَرُ
بدا طيرُه الولهانُ ينقرُ أُفْقَهُ
وبالشفَقِ المجروحِ يخفى و يظْهرُ
ومن بعدِ تقبيلِ السيوفِ لوامعاً
أضافَ كروماً في القصيدةِ تُعْصَرُ
تخيَّلَ ذاكَ السيفَ في اليمِّ صارياً
وفي قطرةٍ من عينِ عَبلةَ يُبْحِرُ
ويحرُنُ خيلٌ في الوغى عافَ أمرَهُ
فيُسعِفُه طيفٌ لعبلةَ أشقرُ
هو الشِعرُ مأ أسمى الفؤادَ قوافياً
ليرقُصَ في فُصحاهُ حرفٌ ومِنبرُ
ويَرْبِط ُ عُرْواتِ القميصِ بنجمةٍ
ليشرحَ صدراً بالليالي ويُقْمِرُ
تَسُدُّ عليهِ الحادِثاتُ طريقَه
وليسَ لهُ دونَ البنفسجِ معبرُ
تُقلِّدُه الباقاتُ زهرةَ وحْيِها
ويأتيهِ من غِيْدٍ بياضٌ وأسمرُ
وليسَ يميزُ الوردُ عنها بصبحِه
وكلٌّ على قلبِ المُتيَّمِ سُكّرُ
وكلُّ الذينَ الأمسِ شَقُّوا عصا الهوى
بغمزةِ رِمشٍ مِخلَبيٍّ تَقنْطروا
يُغالبُهم جفنُ النعاسِ بزهرةٍ
فناموا على ريشِ الخيالِ وما دروا
لهم فوقَ أضلاعِ الظلالِ سكينةٌ
وتحتَ مكاتيبِ الرمادِ توَتُّرُ
وما جذوةٌ ما اراتاحَ يوماً لِواؤها
تظلُّ بجيشٍ للسرابِ تُسَفَّرُ ؟!
وهذا تراثُ العاشقينَ إلى المدى
على جمرةٍ حمراءَ يُولدُ أخضرُ
تَوارَوا بأصقاعِ المنافي تَشتُّتاً
وقُدامَ نايٍ للحنينِ تَجمْهروا
تنادَوا بموجٍ ما اسْتَقرَّ بشطِّه
وفي الصخرِ صرخاتُ اللقاءِ تَفَجَّرُ
ويهدونَ يختاً تاهَ شوقاً بِبحرهِ
وعن موجةٍ تروي الظما لم يُخبَّروا
يعودونَ ما بعدَ الحرائقِ نخلةً
بأذكارِ رَيّاتِ النسائمِ تزفُرُ
ومرُّوا على ريحٍ نَديٍّ مُعَطَّرٍ
وغيمٍ ربيعيِّ القوافي فأمطروا
وللحبِّ في قلبينِ سبعةُ أنهُرٍ
يَفِضْنَ على ساقِ اليراعِ فيَسْطرُ
لأجلِ غُروبٍ واحدٍ دونَ بسمةٍ
لمحتُ وراها سُنبُلي يتكسَّرُ
غزلتُ بأهدابي شِباكي فَراشةً
تصيَّدَ أحلاها الذي هوَ أبْترُ !
هنا السِحرُ أكمامٌ تدلّت من السما
فأُذهِلِ مخطوفٌ و جُنَّ مُسَحَّرُ
ولن تجِدَ السِرَّ الخفيَّ بفَرْقَدٍ
تفلَّقَ إصباحٌ وثُقِّبَ مِجْهَرُ .
محمد علي الشعار
١٢-٩-٢٠١٩
No comments:
Post a Comment