Tuesday, September 3, 2019

المطرقة ... بقلم الكاتبة المبدعة الأستاذة / جميلة بلطي عطوي

https://watanaddad.blogspot.com/2019/09/blog-post_16.html?m=1.......المطرقة.........

مِنْ جراب الفكر تنبجس الهواجس ، تدقّ على صدغ الحياة بمطرقة السّؤال ، تودّ وُلوج قصر الحكاية ذاك الذي تتفنّن جدّتي في رَصْف عجائيه ، في نثر فزّاعاته الغارقة في نزْف الظّلام، ذاك القصر تلفّه نباتات الصّبّار العملاقة ويقف على بابه كلب الأسطورة،   وقد هيّأ رؤوسه الثّلاثة لكلّ قادم .
لكنّ الذّات رغم العراء ، رغم عُواء الرّيح في أذن الحقيقة تُلملِم عزمها ، تسترجع من هوّة الخذلان جُهدها ، تتحدّى الأشواك والكلب وتمدّ الخطى ، كَمْ يشوقها فتح الأبواب الموصدة . كَمْ تحلم بفكّ الألغاز العويصة .
جدّتي ، القصر المهجور ،المطرقة وأنا أتخبّط في ضباب يتداعَى على صدر الأفق ، يتشكّل عناقيد عصْف ، رَواجِم تتهيّأ لقصْف مُباغت ، تترصّد مملكة الفكر.
مِنَ المُنعرج السّرّي تُطلّ إشارة ، وميضٌ يشي بالنّور الواقف على مشارفِ الرّغبة ، والحُلم يسكب بين الحنايا عُصارة ودّ ووعد : كنْ أنتَ ولا تأبهْ للمثبّطات ، فقط عليكَ أن تُزاحم ، أن تتسوّر المطبّات المكدّسة على صَدر الأيّام . لا تنْسَ ، أنتَ هنا مُغامر، لا تَخشَ لُجّة الدّجى فبعدها تُعدّل الأيّام نسقَها وتسعفك ، تسقيك الهطْل نديّا فترتوي ، يمدّ المَدى إليك وريده والنّظام.
المطرقةُ ، تلك الحاسمة  ستكون لك ، وحدها القادرة على ضبط الإيقاع ، وحدَها تقفُ في وجه طوفان الهواجِس ، ترفعُ الميزان ، تعدّل الكفّتين وأنتَ ترفع هامتكَ وقد قرّرت  : لابدّ أن يستمرّ الضّرْبُ في باحة البحث ، نزوعٌ لا تحدّه حدودٌ ولا تكسره منعرَجات . هذا القرار المتحدّي سيسقط ثوبَ الحيرة ، سيمدّ اليد إلى الشّمس يغْترف مِنْ حوضها زيت القناديل التي ستُعلّقها في ردهات القصر فتفتكّه مِنْ براثن السّبات ، مِنْ زنزانة الموت .
خطوة فخطوة بات الوضوح قرينَ مطرقة الفصل تلك التي ستضربُ بحزم على كلّ الرّؤوس المُسوّسة ، ستسقط الدّرن المنضوي في سدى  الأثواب الباهرة ، كلّ شيء سيُراجع  وتدفن الترّهات في لجّة التطهير، وحده الصّدق سيعتلي المِنصّة من جديد، يغمز للمطرقة،  يدعوها للفرح الهادر على مشارف الثّبات.
تونس....3 / 9 / 2019

بقلمي....جميلة بلطي عطوي

No comments:

Post a Comment