النّحلة و الصّرصور
(التلامذة صنفان: كسول و مجتهد، و معاناة الوالدين و المعلمين لا تنتهي، هذا هو محتوى القصيدة).
ألا أيّـها الطـالـب الخـاملُ
حبيب الرقاد عدوّ الكفاحْ
سهرتَ أمام الجهاز العجيبِ
تشـاهـدُ فلمًا يـريك الوقـاحْ
و جـئتَ تعكّـر صفـو النّـقـاشِ
تثير الضجيج و تعلي الصّياحْ
نسِيتَ رسومَ العلوم وحِفْظَ ال
نُّصوص و قـمتَ بـغيـر المـباحْ
تركتَ فروض الحساب و تنسى
يَراعـك و هْـوَ يُضاهي السّـلاحْ
و تـقـضي الزّمـان وراء الكُـرَاتِ
و تلهو عن الحفظ والفرضُ لاحْ
و ذا الوقتُ سيف يمرّ سريعا
و لـيس يعـود فـإنْ راحَ راحْ
تُحرّرُ فرض الأناشي على رُكْ
بتيك سـريـعـا و دون ارتـياحْ
فـتـأتي رؤاك ضـبـابا و فـوضى
و يفضحك الخطّ فضحا صُراحْ
فَهَلَّا فتحتَ المجالَ لغير ال
كسالى سلـيما بـغـيـر جـراحْ
و لا يخدعنْك سرابُ النّجاحِ
بغـير اجـتهـاد مـساءَ صـباحْ
ففي العام فرض وفيه اختبارٌ
فـإمّـا رسـوبٌ و إمّـا نـجـاحْ
أ تجلس بالقسم صخرا ثقيلا
كـصخـر الفـلاة بـغـيـر صلاحْ
و قُدّامَ عينـيك شـمـعٌ يـذو
بُ شيئا فشيئا بفعل الرّياحْ
يجيء صباحا منـيرَ المُـحَـيَّا
و يمسي عشيًّا كسيرَ الجناحْ
**
فَلَيْتَكَ كـنتَ كنـحل الرّبيعِ
يَلُـمّ الرّحيقَ لصنع العـسلْ
لـمـاذا أتـيت؟ و مـاذا تـريدُ؟
لماذا الخمولُ؟ لماذا الكسلْ؟
و كيف مصيرك يُبنى غـدًا؟
أ تبني مصيرك مثل الطّللْ؟
أ تحـيا كما البائسيـن ذلـيـلا
أ تحيا كما الكانسين السّبيلا
و هذي الحياة بساتـين خـيـرٍ
و أنت كما البوم يبكي الطلولا
**
يـظـلّ أبـوك يكـدّ و يـشـقى
لتحيا سعيدا فتُرْوَى و تشبعْ
و ينسى لنفسه كلَّ الحقوقِ
فيَعرى لِتُكْسَى و خُفُّك يلمعْ
و مِلْءُ فـؤاده كـلّ الأماني
سيصبح ابني مقامه أرفعْ:
طبيبا شهـيرا يؤاسي الجـراحَ
فيعطي الدّواء ويشفي وينفعْ
و إمّـا أديـبًا أريـبًـا لبـيـبًـا
ينير العـقول كابن المـقفّعْ
و إمّا عقيدا لجيش البلادِ
و إمّا وزيرا فيـبني و يقلعْ
بيوتا مـن الطّـين ليست تقـينا
فبردٌ شتاءً و في الصّيف تلسعْ
و تصبح بنـتي رفيعةَ شـأنٍ
لفـنً النّسيج مديرةَ مـصنعْ
تسير و تمضي بجنب أخيها
ليُعـلى مقـام البـلاد و يرفعْ
هنالك أنسى مظالم دهري
فأغدو مليكا بـتاج مرصّعْ
**
و يا أيّها الطـالـب المـجـتـهـدْ
حلـيف النّشاط حبيب الحياهْ
عرفتَ طريق الخلاص الوحيدِ
فـسـرتَ بـوسْـطـه سـيـر الأبـاهْ
تغنّي و تشدو رفيعَ الجبينِ
شـجـاعا قـويًّـا بـكـلّ أنـاهْ
وَعَيْتَ سبيل النّجاح الأكيدِ
فـثـقـتَ بنفـسـك مثل الإلـهْ
و كنتَ على النّفس معتمدًا
كـعـنـترَ حـين استـعاد مناهْ
فصال و جال و كـرّ و فـرّ
فـكـسّـر قـيدا لـرقٍّ أبـاهْ
و حـرّر نفسا تروم انعتاقًا
و سجّل شعرا رواه الرّواهْ
سهرتَ الليالي الطوال؛ ليالي ال
شتاء على ضوء شـمـع ضـعـيفْ
تـراجـع درسا و تـكـتـب نـصًّا
و تحفظ شعرا يُريك الرّصيفْ
و أنـت فـقـير تعـيش بـعـيدا
فـتأتي صباحا قـويّا شَغـوفْ
و لـست تـبـالي بـبـرد الشّـتـاءِ
و حرّ المصيف و ريح الخريفْ
فـأنـت الـقــويُّ و أنـت الأبـيُّ
و أنت اللّبيب و أنت الحصيفْ
صمدتَ صمودَ الجبال الرّواسي
أمام العـواصفِ و هْيَ تـخـيـفْ
مددتَ يديك لقـطـف النّـجاحِ
فـنلت النّجاح شريـفًا عـفـيـفْ
هنيئا لكم يا رفيقي قطفت الث
ثمـارَ و شـيّـدتَ قـصرًا مـنـيـفْ
فواصلْ مسيرك في الدّرب هذا
فـإنّـه دربُ الـنّـجـاح الشّــريـفْ
و لا تنسَ فضلا كبـيرا لمن عا
ش دوما يمـدّك حـلوَ الرّغيفْ
مـعـلمّـك المـتـفـاني الكريـمِ
أبيك الحنـونِ أخيك اللطيفْ
1985 من ديواني: يوميات الشرود و التحدي طبعة إبداع2004.
No comments:
Post a Comment