Wednesday, January 29, 2020

لقمان ... بقلم الكاتب المبدع الأستاذ / الجامعي بوشتي

لقمان والبحث عن الخلود
وكانت بقايا الحكايا  مندسة في  يباب الذاكرة  لا تبعث  الا اذا نفخ في ناقور الاسترجاع الطفلي  للذة السرود العجيبة  المؤسطرة بتزاويق  الخرافة وعجيبها
وكانت تلك الحكايات الليلية  شاهدة على مكر الزمن وخداعه  وانسيابه في غفلة من الفانين ،وكانت  كلما عرج لقمان في مسالك القص ،لقمان الراغب في  الخلود   الا ونظرت الى سقف السماء المزدان بالنجوم وكانها تريد ان تعبر عن  طيب العيش في انتفاء الزمن ثم تسترسل في قولها أن لقمان بن عاد، أو لقمان الحكيم ، كان حكيماً ولم يكن نبياً،  ثم تطلب من احدنا ان يتلو عليها مفاتيح سورة لقمان فيأتيها الصوت ناعما متدثرا بعباءةنشوة السماع :و لقد آتينا لقمان الحكمة ...../
 ثم تسترسل في توثيق مسرودها بان بطل الحكاية عرف  بلقمان الحكيم وذلك لحكمته وخبرته التي اكتسبها من طول بقائه في الدنيا، حيث كانت أمنيته الملحة هي البقاء والخلود، إلا أنه كان يعلم أن الخلود مستحيل ولابد من الموت ، فكان يدعو في صلاته كل وقت بالعمر فوق العمر فكان يقول: «اللهم يا رب البحار الخضرْ، والأرض ذات النبت بعدَ القطرْ، أسالك عمراً فوقَ كل عمر».
وفي أحد الأيام وأثناء دعائه سمع مناديًا ينادي ويقول: «قد أجيبت دعوتكَ وأعطيت  سؤلك  غير انه لاسبيلَ إلي الخلود، واختر ان شئتَ  بقاءَ سبع بقراتٍ عفْر، في جبل وَعْرْ، لا يَمسَسْهن ذعر، وإن شئْتَ بقاءَ سبع نواياتٍ من تَمر، مستَودعاتٍ في صخر، لا يَمسَسْهن نَدي ولا قَطرْ، وإن شئْتَ بقاءَ سبعة نسورٍ كلما هَلَكَ نسرٌ عَقَبَ بَعد نسر آخر وهكذا
وجد لقمان نفسه في حيرة شديدة فهو أمام ثلاثة اختيارات تمثل مدة بقائه على الدنيا، فإما أن يعيش مدة بقاء سبع بقرات شديدة وقوية موجودة في جبال وعرة لا يمسسها أذى، أو بقاء سبع نباتات من تمر مستودعة في صخر لا يصيبها أذى أو تلف، أو بقاء سبع نسور كلما هلك نسر أكمل بقاءه النسر التالي.
وبعد تفكير وجد لقمان أن النسر طائر معمر مدة بقائه أطول فاختار مدة بقاء سبعة نسور كلما هلك نسر عقب بعده نسر آخر
تقول الراوية أنه ذات يوم في جبل بمكة، سمع مناديًا يناديه بأن النسر موجود أعلى رأس  الجبل فصعد لقمان، فوجد عش نسر فيه بيضتان قد أفرخا، فاختار أحدهما وعقد في رجله علامة وسماه المصون، عاش المصون مائة عام ولقمان يرعاه حتى دنا أجله ومات، فناداه المنادي: «یا لقمان  دونك البدل، رأس الجبل، مرعى الوعل، رأس السرماج المعتزل، مأمور بطاعتك كالأول» فصعد وأحضر نسر آخر وسماه عوض، عاش عوض مائة عام أخرى حتى مات.
وهكذا توالت النسور فتبع المصون عوض، ثم خلف، المغيب، ميسرة، أُنسا، وأخيرًا لُبد، الذي عاش مائة عام مثله مثل بقية النسور حتى دنا آجله فحزن لقمان فقد أسماه لبد يعني الدهر رغبةً وأملًا في طول بقائه إلا أن ذلك لم ينجيه من الموت فمات لبد ومات لقمان.
قالت الراوية تلك أول  الحفريات في ماهية الوجود

No comments:

Post a Comment