من مذكرات عاشق مفلس (٨)
في رحلته الاستكشافية لمسالك الحياة كان قد قضى أياما في فك رموز رواية الطاهر بن جلون "طفل الرمال" حاول أن يمسك بدلالات النص المشاكسة برمزيتها الساخرة ،استمتع بقراءة اعمال ابداعية جذرت وعيه وضخمت وهمه عبر سنين طويلة وحين أدرك الدلالة في أبهى تجلياتها، ارتقى مدارج الخواءتبدى له الكون فسيحا بلا خرائط ،عوالم نورانية وكانت رواية طفل الرمال خيبة أمل دامية .قالوا له بلغة باردة نشكرك على تفانيك في خدمة وطنك وانصرفوا .
قضى أياما عديدة يحاول أن يرتق جروحه أدرك شساعة الوهم الذي ركن إليه زمانا طويلا وهو يجالد عقولا فتية طيلة عقود أربعة ،كان يصر على فك شفرات انغلاقها ،وكان يشعر بانتشاءعارم كلما اينعت تلك العقول ،يمشي الخيلاء ويقول بنظراته انظروا ليس هناك مستحيل في عوالم التحدي.
ولما وضع اليد على الفراغ أدرك انعدام النكوص ،الوهم فقاعة انفجرت وتبدت له سوءاته ،همس مناجيا ثكلتك أمك ماذا أعددت لاستراحة المحارب؟
حاول أن يلتمس الاعدار الواهية المعللة لمسيرة حياة واهمة ،ينتصب الواقع فاضحا ويلزمه بالمقايسة .يقول له أنظر يا ابن الكلب ما كسبت من زهوك وانتشائك الكاذب غير عبارات براقة زائفة وابتسامات عابرة .
يستعيد الآن شريطا بالاسود والابيض ،رأى نفسه يقيم في شقة لاتتسع لانفاسه شقة تضيق يوما بعد آخر بينما الآخرون ممن خالفوه في العقيدة والاعتقاد يملكون شققا فاخرة افردوا بعضها لنزواتهم الايروتيكية فرشت بأفخر الأفرشة والأرائك ولا يتوانون في اقامة حفلات اقتناص اللذة مع فتيات في اعمار بناتهم ،وكان يرى نفسه يستيقظ باكرا ليزاحم تلامذة المدارس في الحافلات المهترئة ولم تسعفه دراهمه المعدودة على اقتناء سيارة ملائمة تقيه شر الزحام اليومي لحافلات المدينة اللهم إلا مقاتلة اغراه ثمنها فقاسمته همومه لعقد طويل.
حين أدرك الحقيقة فاضحة بلا اقنعة
عاد الى سديم الحياة جندي مطعون من الخلف وكانت الايام في اعماقه مدينة شاطئية والقلب يمطر في صمت قطرات لا لون لها ،بحث في كومة من مخلفات قاراءاته السالفة عن رواية طفل الرمال وعكف على قراءتها من جديد
No comments:
Post a Comment