مَوْجودَةٌ و أنْتِ غائبَة
في طَيّاتِ بُعْدِكِ يَنْدى الهَوى و يَغْفو
اِخْتارَ عَذْبُ شَوقِ الفُؤادِ بِمِينائِكِ يَرْسو
أسْقَتْ وَمَضاتُ رَذاذٍ زَهْرَةً تَحْتَ النَّخيل
في حُلْمٍ قَطَعْتُ البَيْداءَ على خَيْلٍ أصيل
أسْأَلُ عَنْكِ عاصِفَةَ حَبّاتِ كُثْبانِ الرِّمال
الظَّمَأُ و نَشْفُ الشِّفاهِ ما أفْقداني الآمال
في غِيابِكِ اِعْتَقَدْتُ أنّ قَلْبي القَوِيُّ الباسِل
سَيَنْسى لَكِنَّهُ أضْناني أسْقاني مُرَّ الحَنْظَل
إيَّاكِ السَّماعَ إلى أصْحاب القِيلِ و القال
يُفَرِّقانِ بَينَنا و عَنّي عَنْكِ يشْغَلانِ البال
حَجْمُ الاشْتِياقِ حَنينُه يَفوقُ نِسْبِيَةَ الزَّمَن
أوْجَاعُ فِراقِ الحَبيبِ كَتِلكَ لِفِراقِ الوَطَن
أيْنَ تَعَلَّمتِ الجَفاءَ متى قَرّرْتِ الرِّحال؟
بِنَظراتي بَعثتُ إلَيكَ ألْفَ سُؤالٍ و سُؤال
كَمْ اِعْتَقَدْتُ أنَّني حُرٌّ و قَلْبي مُحْتَلّ
تُصاحِبُني رائحَتُك و كَثيفُ الخَميل
صَدى اِسْمِكِ يَخْتَرِقُ الهُدوءَ الجَميل
بَيْنَ الذِّكْرِياتِ و الذِّكْرِياتِ يَشْدو العَليل
يَقسو البُعْدُ عَلَيْنا غَرامي لَيْسَ لَهُ المَثيل
كَيْفَ لِلشِّعْر أنْ يُكْتَبَ بَعْدَ غِلْظَةِ الرَّحيل
كَيْفَ تَتَداوى الوَحْدَةُ في وَحْشَةِ الخَليل
في لَيلَةِ ظَلامٍ دامسٍ تَجَمَّعَتْ كُلُّ الألآم
إنَّ سُهولةَ الصَّمْتِ أشَدُّ ثَقْلاً مِنَ الكلام
غالِيتي رَغْمَ كُلِّ الجُروحِ أحْتَفِظُ بالابْتِسام
قَلْبي يُؤَكِّدُ لي عَوْدَتَكِ في يَوْمٍ مِنَ الأيّام
كُنْتُ قَدْ رَسَمْتُ الدُّنْيا في جَمالِ عيونك
تَحْتَ كُلِّ هذا الظَّلام تُهْتُ أنا مِنْ دونِك
بَعْدَ أنْ أخَذْتِ وَعْداً مِنْ قَلْبي لَن يَخونَك
أنْ يَصونَ هذا العِشْقَ مَدى عُمْرِه و عُمْرِكِ
إلى أنْ تَقِفَ نَبَضاتُه دُفْقَةً سَيَظَلُّ يُحِبُّك
طنجة 09/06/2019
د. محمد الإدريسي
No comments:
Post a Comment