قصة قصيرة بقلمي
((خيوطُ قصَّتي..تُحيكُها هرَّتي))
جلستُ بين الأزهارِ في فناءِ الدَّارِ،
معي قهوتي،قلمي،قرطاسي،وبعضُ الأفكارِ،
لفتَ انتباهي هرَّةٌ مستلقِيةٌ بالقربِ منِّي،
فقرَّرتُ أنْ أكتبَ حولَ مايدور،
بيني وبينَها من سجالٍ وأمور.
قرَّرتُ أن أؤلِّفَ خلالَ هذهِ الجِلسة،
حكايةً،وأن أطرِّزَ حول ذلك قصَّة.
كانتِ الهرَّةُ تحدِّقُ بي،وكأنّي بها ترقُبُ ردَّةَ فعل منّي،
تنتظرُ طردي لها عنّي.
فحوَّلتُ نظري عنها،
لأنزعَ الخوفَ منها.
فاطمأنَّتْ واقتربتْ منّي بعدَ دقيقتيْنِ،
وأخذتْ تلامسُ رجليَّ بوجهِها منَ الجانبيْنِ،
تخرجُ لسانَها تارةً،
وتارةً تموء،
فأيقنتُ أن الهرَّةَ تعاني منَ الجوع.
دخلتُ الى مطبخِ الدَّارِ وأحضرتُ اليها صحنَ لبنٍ،
خلطتُ معَهُ قطعا صغيرةً من الخبز،
فبدأتْ تأكلُ منه بنَهمٍ،
وذيلُها خلفَها يرقصُ فرحا،ويهُز.
واستمرتْ كذلك،حتى نفدَ الطَّعامُ،
فذهبتْ الى مكانِها الأوَّل،
وبدا كأنَّها تريدُ أن تنامَ،
فذهبتُ اليها،ومسحتُ باطنَ كفّيَّ على وَبرِها،
وأخذتُ أهدهِدُ لها،
حتى نامتْ فغطَّتْ،
بينما بقيتُ أنا بالقربِ منها حارسا،
حتَّى فاقتْ،فأخذتْ تمدَّدُ جسدَها،وتتمغَّط.
فرحتُ فرحا شديدا،
فخشعَ قلبي،واغرورقتْ عيناي،
وشعرتُ بأنّي قدَّمتُ شيئا فريدا.
كيف لا،وقد أمرَنا بذلك دينُنا الحنيف،
كما ثبتَ في سنةِ حبيبِنا المصطفى،
في أكثرِ من حديثٍ شريف؟!
راحتِ الهرّةُ وظننتُ أنّها لن تعود،
لكنَّها رجعتْ بعدَ عشرِ دقائقَ،
بينما كنتُ أكتبُ حولَ ما دار،
فوضعتُ قلمي وبتُ في حالةِ انتظار،
لأسجِّلَ ما ستقومُ به هرّتي الجميلة.
وما هي إلاَّ هُنيهات،حتى اقتربتّْ منّي،
فقفزتْ الى حُضني،
وكأنَّها تطلبُ اللجوءَ اليَّ،مستوطنةً دخيلة،
هاربةً من برودةِ الطَّقس،وقحطِ الأرضِ،
لتتقي أيَّامَها الضنكى،الثَّقيلة.
فأدخلتُها الى الدَّار،
واعتبرتُ ذلك،انسانا بيَ استجار.
وها هيَ عندي تعيشُ وتسكنُ،
شبعى،مطمئنَّةً لي ولأهلِ بيتي،
والينا تأنسُ تركُنُ.
فأكدّتْ لي قصتي هذهِ أمريْن:
الوفاءَ موجودٌ عند الحيوانِ،
كما عند الانسانِ.
وأنّ ثمارا شتّى نجنيها،
من تقديمِ الاحسانِ والحنانِ،
حتَّى للحيوانِ.
فؤاد أحمد الشمايلة
No comments:
Post a Comment