قصة قصيرة
ذكريات
.......وضاعت العقول.......
كما نوهت سابقاً، حيث بعض تلك القصص عبارة عن حدث طريف أبطاله مابين اثنين أوثلاثة أشخاص وقد تكون القصة حقيقية، أو افتراضية ربما تقع... والعبرة في العِضة من الحدث ونتائجه.
تبدأ حكايتنا:
_ السلام عليكم...يا صديقي لماذا تفطر الآن؟ وقد تجاوزت الساعة العاشرة:
هذا ما قاله الزائر لصديق له حين وجده يتناول فطورالصباحي بمفرده في دكان أبيه
_ عادة ياصديقي، ولكن هيا تفضل افطر معي... هو صحن حمص وقد يكفينا
_ أنا.!! تناولت فطوري في البيت... ولكن عندما لم يكرر له الدعوة وكأن الضيف ندم على عدم قبول الدعوة! وقال:
_ ومع هذا سأشاركك الفطور لأسليك
والنتيجة:
خرج صاحبنا المسكين بلقيمات فقط مع زائره الجائع الذي ادعى أنه أفطر في بيته قبل قليل!
أي خرج صاحب المولد الآن من المولد (بلا حمص). بعد ان طارت من أمامه محتويات صحن الحمص المسكين، ورغيف الخبز اليتيم!
تكرر المشهد صباح اليوم التالي،
وتكررت زيارات الضيف في الموعد نفسه... وهكذا حتى أصبح عملاً معتاداً له في أكثر أيام الأسبوع... مما أضطر صاحبنا على زيادة طلب كمية الطعام من المطعم المجاور.
أحد الأيام قال له صاحبنا:
_ ولكن النقود التي كانت معي اوشكت على النفاذ! وهي غلّة الدكان.
فكان رد الزائر دائماً حماسيا:
_ إبشر عندي مايغطي حاجتك عندما تحتاج المبلغ فجأة.
وأخيراً جاءت حاجة المبلغ الذي صرف بسببه وعليه.
هنا بدأ الجد وانتهت المثاليات، على الفور اعتذر الصديق عن السداد والحجة أنه بالأمس فقط تصرف بما معه من نقود... لأمر ضروري.
تضايق صاحبنا... وكان لابد من تدبير المبلغ لكي لا يغضب والده منه
لكنه سكت مرغماً... تبسم وقرر الانتقام منه... لم يعاتبه أو يجعله يأخذ حذره لذلك.سكت قهراً.
بعد أيام فقط عاد الصديق بحلة جديدة من الثياب... إضافة إلى أنه يحمل في يده مظلة للمطر...
كانت أناقة مبالغ فيها أقل ما فيها أنها تعبر عن شماتة و سخرية ... فقال له:
أين أنت يا صديقي؟ لماذا تخليت عني في وقت كانت حاجتي إليك شديدة... والحمد لله فرجت.
_ آسف لقد اشتريت بكل ما معي هذه الثياب كما ترى قبل طلبك للنقود مني.
وجئت لأريك إياها لكي تبارك لي فيها:
تظاهر بعدم اهتمامه للأمر، وبارك له بملابسه الجديدة، ثم قال له:
_ هذا اليوم سأتناول فطوري هناك في المطعم وليس هنا في الدكان... هل تاتي معي أم تنتظرني هنا حتى أعود؟
_افطرت اليوم في البيت ولكنني سأجلس معك في المطعم لأسليك... انتقلا إلى المطعم القريب
وتصادف مرور أحد أقاربه وهو صديق لهما معاً ورأهما يدخلان المطعم... اقترب وسلم وأراد البقاء لمبادلة الأحاديث بينهما. عندها دعاه للطعام معهم أيضاً... دخل الجميع وكانت الطلبات هذه المرة مبالغا فيها... مما جعل الصديق ينتابه الخوف من التورط بدفع الحساب، لذلك فضل السكوت وقلبه يخفق... بينما كان عقله يدفعه للانسحاب من المكان... لكن نهمه وإغراءات الروائح المختلفة كالشواء والكباب والبهارات أنسته حذره!
انتهى الجميع من تناول الطعام، ونادى صاحبنا على عامل المطعم لكي يحضر بعض العصائر وفي الوقت نفسه غمزه دون أن يراه أحد، بألّا يفعل ذلك.
بعد دقائق قال لهم صاحبنا أي صاحب الدعوة:
_سآتي لنا بالعصير بنفسي... يبدو أن العامل لم ينتبه لي أوأنه نسى...قال الضيف بتأتأة واضحة وهو يخشى أن يتورط في الأمر:
_لندعوه مرة أخرى... لا داعٍ لأن تذهب بنفسك
_ إنه جار المحل وأعرفه انسان مهمل، وقام لجلب العصائر بنفسه وترك صاحبيه على الطاولة.
من هناك وذهب إلى السينما وتركهما لقدرهما (حدثت قصتنا هذه في ستينات القرن الماضي) حيث كانت السينما منتشرة بشكل كبير جداً وتعرض عرضاً إضافيا في العاشرة والنصف صباحاً.
وعندما رأى العنوان (الرجل الذئب).قال صاحبنا في نفسه:
_ سبحان الله ماهذه المصادفة... حقاً إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب...
عاد صاحبنا إلى المطعم بعد خروجه من السينما... وسأل عن صاحبيه
فقال له صاحب المطعم:
_ ذاك معطفه معلق على الجدار وتلك مظلته فوقه. وهؤلاء كتبه أمامي... منحته إنذاراً بقي منه ساعة فقط... إذا لم يعد بالمبلغ سابدأ باستعمال أوراق كتبه للف السندويشات، وبعدها أعطي معطفه لأحد عمال المطعم... ولكن لماذا أنت فعلت هذا لقد رأيتك خارجا وعندما تاخرت فهمت القصة، أمّاصاحبك الآخر فقد غادر بعدك بقليل وهو يقول له سأذهب للبحث عنه... ولكن أرجوك ألَّا تكرر هذه العملية عندي... ذلك لايجوز... وفيها إساءة لسمعة المطعم.
عاد الصديق وسدد ماعليه بعد هذا الدرس الذي تعرض له واختفى أثره
أما الآخر فقد نجا بجلده.
لنتمم القصة:
جاء إليه فيما بعد صديق آخر إلى صاحبنا ورآه حائراً... فأخبره بأن والده طلب النقود التي صرفها بتحريض ووعيد من صديقه ذاك على أنه سيسلفه بمجرد طلبه لأي مبلغا منه لكنه كما علمنا انسحب من وعده
فقال له لا عليك:
لقد اشتريت نسخة كتب مدرسية وسأعيدها إلى صاحبها واسترد نقودي واستلف لك من صديق لي باقي المبلغ ..وهذا ما كان وحلت الأمور
وطبعا الفرق شاسع مابين الجشع المنافق والصديق المخلص
جهاد مقلد/ سوريا
No comments:
Post a Comment