Saturday, September 14, 2019

النحلة و الصرصور ... بقلم الكاتب المبدع الأستاذ / محمد عطوي

النّحلة و الصّرصور

(التلامذة صنفان: كسول و مجتهد، و معاناة الوالدين و المعلمين لا تنتهي، هذا هو محتوى القصيدة).

ألا أيّـها الطـالـب الخـاملُ
حبيب الرقاد عدوّ الكفاحْ

سهرتَ أمام الجهاز العجيبِ
تشـاهـدُ فلمًا يـريك الوقـاحْ

و جـئتَ تعكّـر صفـو النّـقـاشِ
تثير الضجيج و تعلي الصّياحْ

نسِيتَ رسومَ العلوم وحِفْظَ ال
نُّصوص و قـمتَ بـغيـر المـباحْ

تركتَ فروض الحساب و تنسى
يَراعـك و هْـوَ يُضاهي السّـلاحْ

و تـقـضي الزّمـان وراء الكُـرَاتِ
و تلهو عن الحفظ والفرضُ لاحْ

و ذا الوقتُ سيف يمرّ سريعا
و لـيس يعـود فـإنْ راحَ راحْ

تُحرّرُ فرض الأناشي على رُكْ
بتيك سـريـعـا و دون ارتـياحْ

فـتـأتي رؤاك ضـبـابا و فـوضى
و يفضحك الخطّ فضحا صُراحْ

فَهَلَّا فتحتَ المجالَ لغير ال
كسالى سلـيما بـغـيـر جـراحْ

و لا يخدعنْك سرابُ النّجاحِ
بغـير اجـتهـاد مـساءَ صـباحْ

ففي العام فرض وفيه اختبارٌ
فـإمّـا  رسـوبٌ  و  إمّـا نـجـاحْ

أ تجلس بالقسم صخرا ثقيلا
كـصخـر الفـلاة بـغـيـر صلاحْ

و قُدّامَ عينـيك شـمـعٌ يـذو
بُ شيئا فشيئا بفعل الرّياحْ

يجيء صباحا منـيرَ المُـحَـيَّا
و يمسي عشيًّا كسيرَ الجناحْ
**
فَلَيْتَكَ كـنتَ كنـحل الرّبيعِ
يَلُـمّ الرّحيقَ لصنع العـسلْ

لـمـاذا أتـيت؟ و مـاذا تـريدُ؟
لماذا الخمولُ؟ لماذا الكسلْ؟

و كيف مصيرك يُبنى غـدًا؟
أ تبني مصيرك مثل الطّللْ؟

أ تحـيا كما البائسيـن ذلـيـلا
أ تحيا كما الكانسين السّبيلا

و هذي الحياة بساتـين خـيـرٍ
و أنت كما البوم يبكي الطلولا
**
يـظـلّ أبـوك يكـدّ و يـشـقى
لتحيا سعيدا فتُرْوَى و تشبعْ

و ينسى لنفسه كلَّ الحقوقِ
فيَعرى لِتُكْسَى و خُفُّك يلمعْ

و مِلْءُ  فـؤاده كـلّ الأماني
سيصبح  ابني مقامه أرفعْ:

طبيبا شهـيرا يؤاسي الجـراحَ
فيعطي الدّواء ويشفي وينفعْ

و إمّـا  أديـبًا  أريـبًـا  لبـيـبًـا
ينير  العـقول  كابن  المـقفّعْ

و إمّا عقيدا لجيش البلادِ
و إمّا وزيرا فيـبني و يقلعْ

بيوتا مـن الطّـين ليست تقـينا
فبردٌ شتاءً و في الصّيف تلسعْ

و تصبح بنـتي رفيعةَ شـأنٍ
لفـنً النّسيج مديرةَ مـصنعْ

تسير و تمضي بجنب أخيها
ليُعـلى مقـام البـلاد و يرفعْ

هنالك أنسى مظالم دهري
فأغدو مليكا بـتاج مرصّعْ
**
و يا أيّها الطـالـب المـجـتـهـدْ
حلـيف النّشاط حبيب الحياهْ

عرفتَ طريق الخلاص الوحيدِ
فـسـرتَ بـوسْـطـه سـيـر الأبـاهْ

تغنّي و تشدو رفيعَ الجبينِ
شـجـاعا  قـويًّـا  بـكـلّ أنـاهْ

وَعَيْتَ سبيل النّجاح الأكيدِ
فـثـقـتَ بنفـسـك مثل الإلـهْ

و كنتَ على النّفس معتمدًا
كـعـنـترَ حـين استـعاد مناهْ

فصال و جال و كـرّ و فـرّ
فـكـسّـر  قـيدا  لـرقٍّ أبـاهْ

و حـرّر نفسا تروم انعتاقًا
و سجّل شعرا رواه الرّواهْ

سهرتَ الليالي الطوال؛ ليالي ال
شتاء على ضوء شـمـع ضـعـيفْ

تـراجـع درسا و تـكـتـب نـصًّا
و تحفظ شعرا يُريك الرّصيفْ

و أنـت فـقـير تعـيش بـعـيدا
فـتأتي صباحا قـويّا شَغـوفْ

و لـست تـبـالي بـبـرد الشّـتـاءِ
و حرّ المصيف و ريح الخريفْ

فـأنـت الـقــويُّ  و أنـت الأبـيُّ
و أنت اللّبيب و أنت الحصيفْ

صمدتَ صمودَ الجبال الرّواسي
أمام العـواصفِ و هْيَ تـخـيـفْ

مددتَ يديك لقـطـف النّـجاحِ
فـنلت النّجاح شريـفًا عـفـيـفْ

هنيئا لكم يا رفيقي قطفت الث
ثمـارَ و شـيّـدتَ قـصرًا مـنـيـفْ

فواصلْ مسيرك في الدّرب هذا
فـإنّـه دربُ الـنّـجـاح الشّــريـفْ

و لا تنسَ فضلا كبـيرا لمن عا
ش دوما يمـدّك حـلوَ الرّغيفْ

مـعـلمّـك المـتـفـاني الكريـمِ
أبيك الحنـونِ أخيك اللطيفْ

1985 من ديواني: يوميات الشرود و التحدي طبعة إبداع2004.

No comments:

Post a Comment