سَأُعَادْ
لِلزُّرْقِ هناك بعيدا عن قريتِي
مواسمُ رقص على أكواب الْڥوتْكَا
وصغارٌ تتراشق ثُمُرَ المنْڨَا
وأراجيحُ تلامسُ أقواسَ السَّمَاءِ
............وَحَصَادْ
وَلِي في تُربة ضيعَتي
مواسمُ حزن على أكفان الأحلامِ
ورِقابُ سنابلَ خاضعةٌ للذَّبحِ
محاصيلَ ضعيفةٍ
..............وَجَرَادْ
ولي عُشّاقٌ تواعدتْ
على مدافئِ همس كاذبةٍ آخرَ الليلْ
خامدةٍ كالموتى هَامِدةٍ
وحرائقِ شوْقٍ ضارمةٍ
................وَرَمَادْ
بالأمس وقد مرّت قافلة بِحَادِيها
تتغنّى تزهو طاربة
والشمس بكُحْل مآقيها
تتولّى تهرب غَارِبَةً
هَارِبةً تَهجُرُ فمِي المَدْهُوش..فَقَطْ..
..................بِعِنَادْ
سألْتُ غروبَ الشَّمسِ لِمَاذَا
مغاني النّاسِ مَحطَّ رحيلِكَ صَاخِبةٌ
ومغاني قريَتِي رتيبةٌ ناشِجَةٌ
لَا لحْنَ ولا مِلحَ يخَالطُها
مِقدَارَ قليلٍ
...................فَيُزَادْ؟
فتَوارى الغروب خلف الجبل السّحْريّْ
وغاص في الدَّاكن من وجعي
وَجَعي الرَّطْب الشّتْويّْ
يشقّ عُمْقي أوعارًا وقفارًا
...................وَوِهَادْ
تباعَدَ الغروبُ كما تباعد صوتُ كمانْ
كان من النَّاجين بعد قصَّة حبٍّ غارقةٍ
في سفينة تَيْتَانِيكْ
أو كأهزوجة في طريق الرّقيقْ
غنَّاها العبيدُ على إيقاع سَلاسِلهِم
في سَانْ لْوِي
وانْتَحَرتْ على شوَاطِئ الدُّومِنِيكْ
رَماها الزُّرق تلقَّفَها القِرشُ
وشيَّعتْها العُيونُ بمدامِعَ ساكبةٍ حَرَّى
......................وَسَوَادْ
قديما كنتُ أغَامر
قديمًا قبل خريف الشَّرقِ
كنت أشقُّ عُبابَ سؤالي
من مطلع الشمس عَلى ياجوجَ وماجوجْ
إلى مغرِبها في بحْر الظُّلُماتْ
وطويْتُ ألف بلادٍ
......................وَبِلَادْ
وكان الزُّرق إذا ما رأوا قواربي
يستبشرون برياح أشرعتي
ويتمسَّحُون بعبَاءتي الوبريَّهْ
ويشمُّون طيبَ كِسوتي الحريريَّهْ
ويعرفون أنني عمْرٌو وأنَّنِي طارقُ
.....................وَ زِيادْ
وها إنِّي على قارعة التَّاريخْ
أتقشَّفُ الومْضة الأخيرةَ من هويّتي
وَيْكَأنِّي صرت قطيعا في جزيرة الضباب
كالبُهْم أسَاقُ طَوَاعيَةً
والحَبلُ متينٌ في عنقي
فَأُسَلِّم نفْسِي
......................وَأُقَادْ
ويكأنِّي لمْ أفلح قيد أنملةٍ....لكني....
رأيتُ بَصِيصَ ضياءٍ في رمَقِي
بعدَ أن تعافيتُ من السَّمْلِ الأوَّلْ
ما أظُنُّهم أعمَوْا بَصَرِي تمامًا
ها إنه يتوالد نور في أفُقِي
يتضاعف في كل الدّنيَا
ويبشِّر أنّي
..................... سَأُعَادْ
سأبدِّل أكسِيةَ الزُّرْقِ مَحَارًا
خضْرًا أيَّامَ الأعْيَادْ
سَأَعَادُ رَذَاذًا...
....................وَسَمَادْ
لن يُوقِفَ زُرقٌ قَافِيَتِي
سأعُودُ ولو كنت رُفاتًا
سيبعثني قَدَرِي من تحْتِ الفَنَاء المُمَنْهَجْ
سأشقُّ الأزقَّةَ والأنهُجْ
"مَا شِئْتُ....لا ما شاؤوا "
وجحَافِلُ جياعٍ تتْبعُني
سَأعَادُ بلَا شكٍّ
................... سَأُعَادْ
عبد الرؤوف غضباني
No comments:
Post a Comment