Tuesday, January 7, 2020

الرؤيا ... بقلم الكاتب المبدع الأستاذ / محمد البوركي

الرؤيا
  انتهكت الوقار الذي غشي المجلس ، و تكلمت دون استئذان  :
-  سيدي ، حدثنا عن النائم يكون ميتا و حين يستيقظ تدب الحياة في أوصاله   .  .
 مسد شيخنا لحيته ، و أزاح طاقيته الرمادية ، و هرش فروة رأسه حتى كاد يدميها ، أغمض عينيه مدة حسبتها دهرا ، ثم فتحهما جاحظتين  ابتسم ، و أومأ إلي بيده قائلا :

- لبيك بني ، كلأك الله بعنايته و علمك ما لم تعلم ،  إننا عندما نغرق في سباتنا يذوب الدماغ في الجمجمة ويصير سائلا لزجا  ، و تفارق الروح أجسامنا تحلق ، أينما شاءت ، حرة طليقة ، بلا قيود و لا حدود.

نظرت إلى من حولي ، و هززت رأسي أحاكي من هم أكبر مني مصدقا قوله  .

غلبني النوم و الإعياء ، فوجدت نفسي في حقل شاسع مليء بالأشجار المثمرة و الأعشاب ، يخترقه واد مياهه رقراقة ، و الطيور تزقزق في كل الأرجاء ، وقفت مبهورا بجمال الطبيعة ، لمحت فراشة ذات جناحين شفافين ، ركضت خلفها محاولا الإمساك بها ، عندما فشلت استلقيت على ظهري أتملى زرقة السماء ، رفرفت الفراشة فوقي و هي تسخر مني : " ألا تعرفني أيها المغفل ، أنا روحك ، أنا روحك ، ها .. ها .. ها .. " .  ثم اختفت .

وكزني أبي بمرفقه ، و فتحت عيني على الشيخ و هو يمسد لحيته و يحك رأسه مطبق الجفنين .

بقلم : محمد البوركي - المغرب

No comments:

Post a Comment