Saturday, November 2, 2019

الواقع أبقى ... بقلم الكاتبة المبدعة الأستاذة / غفران سليمان

قصة قصيرة
الواقع أبقى
كثير جدا من الوجع جعلني أتماهى مع نسوة بلدتي المضرجات بالسواد، ولكل منهن سببها المقنع لارتدائه كسطوع شمس آب، جارتي فوزية  أصرت أن لا ترتديه عندما مات زوجها في المظاهرة، ولا فعلت عندماغرقت ابنتها في النهر، فقط عندما جاءها خبر استشهاد ولديها علمت ان هذه الدنيا لا تستحق ان نسعدها بألوانها ولا أن نتزين لها بابتساماتها، دنيا لا يليق بها سوى الظلام...  ورابعةالغريبة اختطفت الحرب خطببها  وتنتظر ان تتلون له يوم يعود،..  وسوزي تقول أن صديقها يردد أن الاسود يليق بها... تعبت منهن وعدت إلى بيتي المهجور إلا من أثاري المزروعة في كل مكان، أمسكت هاتفي بل عالمي؛  وجدت عددا لا بأس به من الرسائل:
انتظرك لماذا تأخرت اطلالتك اليوم.
-هل تريد أن أدقق لك نصا أو تريد شيئا آخر
-أريدك أنت... أموت شوقا لو لم تظهري لي متصلة.
- هل تتابعني دائما... لست مجنونة لأصدق أن  للفيس بوك قلب ينبض محبة وأكذب شعوري الذي لم يخيبني،في يوم..
-أنا لست صفحة أ نا إنسان من لحم ودم تدغدغني كلماتك، ينعشني شعرك، أهيم في  ورودك.
 -مجنون ولا شك ياصديقي ...
- ليقولوا ! ما الحب بمجنون!
 لكنني استدعيت قلبي مذ عرفتك اقسم لك.
- «قالوا للكذاب احلف قال جاني الفرج».
- الله يسامحك،  وأرسل رسالة صوتية يجهش فيها بالبكاء.
- صديقي انتظر لا تبك دموعك غالية عليّ... كم عمرك؟
 - ولدت بعد حرب لبنان وقبل حرب سورية بعدد سنواتها.
- ليتها انتهت لنوثق عمرك بها، اذا عمرك يقترب من العشرين، وانا با بني ولدت بعد النكسة بشتائين سأدعوك حفيدي بعد اليوم.
-أعشقك ، كيف لا تصدقين انا أكره الصغيرات اللواتي يتبرجن ويقصصن أنوفهن، ويمططن شفاههن، ويثقبن بكثرة آذانهن، يصرخ ويسهرن، ولا يعرنني انتباها، أحب فيك جديتك، و هدوءك، ردودك، ورودك،  شعرك، صمتك، كل فنونك...
-بني صمدت كجبل في،وجه تيارات الحب الواقعية، رفضت أن ترميني العاطفة من برجي العاجي، لا أحد استطاع ضمي إلى ممتلكاته، لست جحيما لكنني لست البلسم...
انقطعت الكهرباء فوقفت آمام المرآة امسكت خصري، وتمايلت، مازلت جميلة...
عدت إلى مرآتي شددت حول فمي ، فعلا انا لاأبدو كبيرة كعمري، هل الحب ممكن لتجاعيد ذاكرتي، هل الحب ممكن مع كل هذا الكره الذي يجرف حصى الطرقات،
أحدث نفسي وأقول لها أحبك يا أنا كثيرا، أحبك يا أنا أحتاج لك دفئا، تركت له رسالة مراهقة لتلاعبه  ليوم أو يومين...
رد بعد ساعتين: أهديك نسائم مودتي، وعبير أثري..
- أحب فيك كل مافيك ، سأكون لك حكمة الدنيا ولا اريد مقابلا منك إلا أن أجد دائما في جعلتك كيسا  مملوءا بالعشق لا ينفذ أنهل منه  كل حين.
- عشرة من الهاءات المتصلة ههههه   قائلا كنت أعلم أن جاذبيني لا تقاوم!
بعد شهر من إنتظاره على جناح اللهفة وقراءة رسائل المساء كأنها شوكولا فاخرة وتلك المزينة باللهفة   كانت تبهج روحي، وجميل الكلام يبدد وحدتي، وصوره التي اتضح بأنها لنجم كرة قدم اسباني تنسيني الكون ومافيه تجعلني أحلق أعلى من الطيور ، جعل مني فراشة من لهفة وانتظار...
 سلبني التفكير به كل ماكنت أحمله من حكمة واتزان.
توقف كل هذا اليوم يوم
 اتصلت بي صديقتي  وجار تي عبير معاتبة:
-لماذا لا تتقنين أي عمل، لم تعرفي يوما  كيف تجدين لنفسك عريسا مناسبا تقضين معه شتاءاتك الباردة، فكيف ستتقنين العمل على مواقع التواصل؟ بسببك كاد زوجي يرميني في الشارع!
-مابك ترشقينني بالكلام كأنني قتلت لك قتيل؟
عبير:  قبلت طلب صداقة من صديقك ماهر، بتطاول في الكلام ويظن كل البنات ءيلحقن به وبجماله بمجرد أن يشسر لهن،  ونتواعد ويؤكد أنه أحبني جدا، وسيقتل نفسه إذا رفضت مقاباته..
بقلب معصور كذاك الذي يرافق  مراهقة بأول قبلة، ركض قلبي خلف خراف الأماني وأنقض غزله بلحظة ونسج  قصصا  لانكسار الفرح الموعود مع شريك مثالي قلت لنفسي معاتبة.
و لصديقتي مباركة تصديقها له:  ربما كان عريسا مناسبا  لك، الا تقولين أنك ستتقدمين إلى المحكمة بطلب خلع من  زوجك.
-الله يبارك لك فيه عندي طابور ينتظر إشارة من إصبعي.
-لا أعلم إن شعرت بي أهزي و أبكي  خيبتي
لكنني أغلقت حسابي هربا منها ومنه،
وبعد أيام عندما اتصلت بي لتخبرني بزيارتها...لم أرفض ولم أبدي تجاوبا ولكنني عند وصولي   احترمت اللقاء،
وخبرتها عني وعن دفء الأمكنة، بغض النظر عن ساكنيها الحاليين
قالت انتظريني آتية إليك في الحال
-تمالكت نفسي وقلت انا أوافق على طلبات الصداقة من جميع من يقول انا كاتب لأن دماء الكاتب مشتركة مع دمي أذوب في عوالم الكتّاب والشعراء، وهو واحد منهم. وقلت في نفسي:«إجت  الحزينة لتفرح مالقت لحالها مطىرح».
وبعد ان اتصلت بعدة صديقات مشتركات وسألتهن عنه منهن من خجلت الاعتراف بمعرفته،  ومنهن من شعرت بالغيرة خوفا من إمكانية منافستها   عليه...
وعلى عجل اشتريت خطا جديدا و وضعت عليه اسم استثنائي وصور لملكة جمال العالم من أصول عربية فلسطينية ..الفلبينية غازيني كريستيانا غانادوس
واتصلت بماهر و بالجميع...
-مرحبا بك.
-أهلا سيدتي اهذا أنت صاحبة أجمل وجه.
-نعم لكنني تأكدت انك تعشق صديقاتك كلهن.
-كلهن لا يساوينك، وحياة هذه العيون.
-ماذا عن سلمى أما أقنعتها بالحب؟
- نعم ،من منا لا يحب جدته، أحبها كثيرا، أحب أناقة حضورها، وأعدها أنني سأمشي يوم موتها، وزيادة أحفر مع أقاربها قبرا يليق بها.
رغم الصدمة فرحت بكلامه وعلمت انه واقعي لأول مرة..
لااعلم كيف قطعت الطاقة من جديد  عن هاتفي وبحركة واحدة رميت بطارية الهاتف بعيدا وارتميت أضحك كثيرا وأبكي بحرقة، وأسأل نفسي كيف هانت عليك نفسي ...استيقظت  على قرع خفيف على الباب، من؟
أنا عبير ، فتحت لها الباب.. دمعة في  عينها اليمنى تأبى أن تنزل:
-علمت اليوم من يكون ماهر.
- لماذا تعطي موضوعه كل هذه الاهمية كأنه خطبك فعلا.
- لأنه مات في حادث سير بالقرب من بيتي، نعاه  أخوه على صفحته الشخصية نفسها التي كنت أتواصل معه عليها، اسمه باسل، تعرفين أمه، بقي وحيدا  بعد أن استشهد أخواه...
-أأنت متأكدة ؟
 - نعم للأسفالآن يمكن ان أعترف لك انني غافلت زوجي وابني واستمتعت بعذوبة غزله ..ولا أخفيك كثير من قبل أثيرية تبادلناها و جرت بيننا ايحاءات لم أخبرك بها.
ابتسمت في سري خجلا
وطلبت منها أن نتجهز لنرافق أمه. في وداعه.  تأخر قلبي كثيرا عن الخفقان بعد وفاة ماهر، لكنه خفق للمناسب في امتحانات نهاية العام، لصديق قديم أحبني قبل ان أقص جديلتي وافترقنا... تزوج من إحدى قريباته الصغيرات،  وماتت قبل سنة  أثناء الولادة الثامنة من دماثته التي عهدتها ورفضته لأجلها يوم كان عندي خيارات ومن  الإجهاد، والضعف...امتلأت حياتي بالعمل والانشغال عندما صرت  أما لأبنائه،  وحبيبة لأمسياته في واقع يتماهى مع الافتراضي.
غفران كوسا.

No comments:

Post a Comment